الأحد، 15 مايو 2016

حضارة وادي الرافدين القديمة


ملف لغات العراق القديم

- تاريخ السومرية والاكدية (البابلية ـ الآشورية)
- وجود اللغة السومرية لا يدل على وجود السومريين!               د. نائل حنون
- أطوار اللغة السومرية                                                ترجمة / د. حميد حسون بجية
- اللغة الأكدية                                                          اعداد / زينب زنگنه
- الكتابة المسمارية                                                    اعداد / طارق كامل
- من معالم الحضارة العراقية القديمة                                 جعفر هادي حسن


تاريخ السومرية والاكدية


(البابلية ـ الآشورية)



إن برج بابل اعتُبر رمزاً اسطورياً عالمياً انطلقت و(تبلبلت) منه جميع لغات العالم!

جميع كتب التاريخ تتفق على ان العراق (بلاد النهرين) منبت أول حضارة على الارض، الى جانب الحضارتين المصرية والسورية. ابتدأ النشاط البشري الملموس في حدود (100-60 ) ألف سنة ق.م، حيث ظهرت آثار الجماعات الأولى من انسان (نياندرتال) في منطقة الرطبة وحوض الموصل وكهف شنايدر. وعبر العصور الثلاثة التي اصطلح عليها المؤرخون (العصر الحجري القديم، والأوسط، والحديث) تطور نشاط الانسان الأول في العراق وبدأ انتقاله التاريخي من الالتقاط والصيد إلى الزراعة والتدجين وتطوير بعض الادوات الضرورية. وفي العقدين الأخيرين من الألف العاشر ظهرت القرى الزراعية التي كشفت طبقاتها الأولى عن نشاط زراعي حيواني منتظم وكشفت عن استقرار اجتماعي. يعتبر (الفخار) من أبرز المبتكرات التي لها أهميتها. وشاع استخدام المعادن وتطور النمط العمراني بتطور المباني وتطور تلوين الخزف وتطورت المعابد وتطور الفن واتسع انتشار مراكز الاستقرار الاجتماعي في وسط العراق ونموها السريع. ثم ظهر الدولاب الذي يصنع به الفخار وبدأت الحضارة العراقية تأخذ طريقها إلى خارج العراق.
وفي فجر التاريخ ( 3000ق.م) تعززت مكانة المعبد ودوره الاجتماعي والاقتصادي الذي ارتبط بتطور القرى الزراعية.  وقد توج هذا التطور بابتكار الكتابة إذ عثر على أول نموذج لها بهيئة صورية تعود إلى سنة  3000ق.م في الطبقة الرابعة من موقع مدينة الوركاء. وقد وجدت الكثير من هذه الاختام الاسطوانية في سوريا ومصر وعيلام وأواسط أنضوليا، وهذا يدل على مدى تأثير الحضارة العراقية ومنذ وقت مبكر،على عموم الشرق الاوسط .
الاساس الحضاري
إن (مرحلة الحضارة العراقية القديمة) قد دامت حوالي 3000 عام، أي بين(3000) قبل الميلاد، حتى سقوط بابل (آخر دولة عراقية قديمة) في القرن السادس ق.م وعرفت بـ (حضارة بلاد النهرين). ومقر هذه الحضارة هو العراق الحالي، بالاضافة الى أجزاء أخرى تابعة له جغرافياً وحضارياً (( في سوريا ـ منطقة الجزيرة ـ كذلك في ايران (الاحواز)، ثم في جنوب تركيا ـ أعالي النهرين)). ولكن هذه الحضارة النهرينية كانت من القوة والتأثير انها شملت كل الشرق الاوسط وأصبحت اللغة الاكدية والكتابة المسمارية هي المتداولة بين دول العالم القديم، مثلما حال الانكليزية في العصر الحالي.
منذ الربع الاخير من الالف الرابع ق.م برزت جماعتان رئيسيتان هما (السومريون)، بالاضافة الى من اطلق عليهم (الأكديون) في عهود لاحقة. وعلى الرغم من تركز السومريين في المدن الجنوبية مثل أريدو وأور في محافظة ذي قار والوركاء في محافظة المثنى، وتركز الأكديين في كيش في محافظة بابل وسبار في محافظة بغداد وبعض المواقع في محافظة الانبار فقد امتزجت كلتا الجماعتين وتفاعلتا في كل المدن العراقية القديمة. وربما كانت القيادة السياسية للاكديين ثم للسومريين ومن بعدهم للاكديين والسومريين مرة أخرى.
ان العراقيين قدموا الكثير من الانجازات الحضارية للأنسانية وتُعد (الكتابة المسمارية) من أعظمها، ثم المدرسة ونظام التعليم، كذلك تكوين أُسُس النظام السياسي ومجلس الشورى وسن اولى القوانين والشرائع الطامحة لتحقيق العدالة. فمنذ عهد الحاكم السومري (أوروكاجتيا) الذي كثف خطابه الإنساني في القانون بعبارة (جئت لأخلص الضعيف من القوي ولن أدع أحد ينام وهو جائع). وصنع العراقيون الاساطير و(ديانة الكواكب) التي شكلت أساس الاديان السماوية. أما في مجال الادب فأن ملحمة كلكماش وتموز وعشتار والطوفان تعد من اولى الابداعات الادبية الكبرى. كذلك قاموا بجمع الالواح وأبدعوا أول أسس الترجمة والقواميس ذلك إن مكتبة الملك الآشوري (آشوربانيبال) تشير إلى استنساخ ألواح المعرفة القديمة وتأسيس نظم الفهارس المكتبية. أما في مجالات الفكر والعلوم، فقد وضع العراقيون قوانين ومكتشفات مهمة في مجال علوم الكيمياء والطب والفلك.


السومريون، أصلهم وحضارتهم

ظهر اسم سومر في بداية الألفية الثالثة ق.م. لكن جذور السومريين تعود الى الألفية السادسة ق.م. حيث ظهرت اولى معالم الحضارة العراقية التي اطلق عليها الآثاريون (الحضارة العبيدية) نسبة الى (تل العبيد ـ جنوب العراق قرب الناصرية)، ثم تطورت الى الحضارة السومرية.
أما الجدل الحامي منذ قرنين حول (أصل السومريين) و(من أين أتوا) فهو جدل مصطنع لأنه لا معنى له، فهو يتعلق بكل شعوب العالم. لهذا فأن الميل العام أصبح لصالح الفرضية القائلة بأن السومريون هم سكان العراق الاصليون منذ سحيق التاريخ. والادلة المعقولة على هذا انه لم يعثر حتى الآن على أي أصل لغوي أو تقارب واضح مع أية لغة في العالم. رغم كل الفرضيات القائلة بأن اللغة السومرية، بما انها لغة مقطعية غير تصريفية، فأنها تشبه في بعض النواحي اللغات (الالطو ـ تركية) مثل التركية والفنلندية والهنغارية..
(( لمزيد من المعلومات حول هذه الاشكالية نحيل للنص المنشور في نهاية هذا الموضوع عن كتاب الباحث العراقي نائل حنون الذي يدافع فيه عن نظرية ان اللغة السومرية لا تمثل شعب بل هي لغة مصطنعة خاصة بالصفوة الدينية لتمييزهم عن السكان الناطقين بالاكدية))..
ان آثار السومريين تدل على انهم كانوا يعيشون في كل أنحاء العراق، لكن مدنهم ودويلاتهم قامت أولاً في السهل الجنوبي العراقي، لأن خصوبته وغناه البيئي سمحت بهذا الانجاز الحضاري التاريخي. في هذا السهل قامت المدن الاولى مثل  أور وأوروك ونيبور ولارسا ولجش وكولاب وكيش وإيزين وأريدو وأدب. في هذه المدن كانت بدايات التخطيط للسيطرة على الفيضانات وانشاء السدود وحفر القنوات والجداول. في هذا السهل كانت شبكة القنوات معجزة من معجزات الري مما جعل السومريين بناة أقدم حضارة في التاريخ.
لقد عاش السومريون في جميع أنحاء بلاد النهرين، وقد ظهرت معالمهم في أواخر الألف الرابع قبل الميلاد. لكن حضارتهم تركزت في جنوب العراق (أرض شنعار) أي (جنة عدن) كما يسميها الكتاب المقدس، حيث يتفرع نهرا دجلة والفرات وجداولهما العديدة، إضافة الى ما يخلفانه جراء فيضانهما في أهوار أو مستنقعات جنوب العراق، حيث تزدهر حولها الزراعة وتنمو في ربوعها الأشجار والنباتات. يعتبر السومريون، أو (ذوي الرؤوس السود) كما يسمون انفسهم، أول صنّاع الحضارة على الارض حيث أقاموا المدن ونظموها لأول مرة، وبنوا المعابد وأنشأوا المدارس والمكتبات، بعد ان أبدعوا في اختراع الكتابة المسمارية واللغة السومرية التي سرعان ما انتشرت في جميع حواضر الشرق الأدنى القديم والتي أوصلتهم الى أسباب الحضارة والمعرفة.
وقد أنتج السومريون أدباً رائعاً وشعراً جميلاً امتاز بالعفوية والرقة والتعبير الصادق. وقد دونوا هذا الأدب الإنساني على الرقم الطينية التي صنعوها من الطين النظيف المتوفر على شواطئ الأنهار وفروعها الوفيرة.
ان أول حاكم سومري قدرَّ لأخباره أن تجد سبيلها الى التدوين ووصلتنا، كان الملك (ايتانا) أمير(مدينة لكش) في مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد، وخلف لنا بعد ذلك أسطورة (ايتانا والنسر). كما يذكر ملكاً سومرياً آخر وهو(كلكامش) صاحب الأسطورة البديعة التي عرفت بأسمه، وكانت حياته وكفاحه من أجل مدينته اوروك، قد سجلت في قصيدة أخرى مطولة تصور صراع كلكامش مع ملك كيش (أكا) الذي انتهى بانسحاب جيش ملك كيش عن أرض أوروك عام ( 2700ق.م) تقريباً. وأعطت ألينا حضارة سومر أيضاً قصة طوفان نوح (زيو سودرا) وقصائد أخرى بعضها سجلت قديماً في زمانها والبعض الآخر دُوِنَ بعد قرن من الزمن تقريباً. ومن حسن الحظ ان التراث السومري وجد معظمه بفضل (مدينة سيبار) التي ضمت مكتبة ضخمة لا تقل عن مئتي ألف رقيم، وجد فيها ما يقارب من مئة وثلاثين الف رقيم.

المصادر

ـDictionnaire de la civilisation mésopotamienne/JOANNES Dicoland/PARIS 2001

- فراس السواح / مغامرة العقل الأولى / دار الحكمة / بيروت / ط1  - 1981 .
- ليواوبنهايم / بلاد مابين النهرين / ت: سعد فيضي عبد الرزاق/ ط1  / دار الحرية للطباعة / بغداد 1981 .
- فاضل عبد الواحد / الأدب / حضارة العراق / ج 1 / بغداد 1985 .
- فرانكفورت / ومجموعة باحثين / ماقبل الفلسفة - الانسان في مغامرات الفكر الاولى / ت: جبر ابراهيم جبرا / ط2  المؤسسة العربية للدراسات والنشر / بيروت1980 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وجود اللغة السومرية


لا يدل على وجود السومريين!

د. نائل حنون


كتاب الباحث العراقي (نائل حنون) الذي أثار الضجة

من المعلوم انه منذ القرن التاسع عشر والكشف عن الحضارة العراقية اختلف العلماء حول حقيقة السومريين وانقسموا إلى فريقين، أحدهم يعتقد بوجود الشعب السومري بدليل وجود اللغة السومرية. أما الفريق الآخر فقد رأى أنه لا يوجد دليل واضح على وجود السومريين كشعب، وأن اللغة السومرية كانت لغة سرية من ابتكار البابليين أنفسهم وكانت هذه اللغة تستخدم لأغراض دينية وشعائرية.
وهاهو الباحث والمؤرخ العراقي (نائل حنون) يقدم لنا الادلة على صحة الفرضية القائلة بعدم وجود السومريين!
ان دراسته العلمية الآثارية هذه استغرقت أكثر من خمس سنوات، درس خلالها أكثر من خمسة عشر ألفاً من المفردات السومرية والأكادية. وتبين بصورة واضحة ان السومريين ما وجدوا كشعب وكمجموعة أثنية مستقلة أو ذات خصوصية، بل ان (السومرية) هي ظاهرة كتابية لا أكثر. وعلى الأرجح ان السومريين هم أنفسهم أسلاف الأكاديين مخترعي هذه اللغة التدوينية. يلخص الباحث فرضيته :
((من خلال ما تقدم يتضح لنا إن الافتراض بوجود شعب سومري، يستدل على وجوده من وجود اللغة التي أطلق عليها اسم اللغة السومرية ومن أسماء الأعلام المصاغة بهذه اللغة، يثير من الأسئلة والإشكالات أكثر مما يجيب عليه. ويتضح لنا أيضاً انه لا توجد أدلة سوى اللغة على وجود السومريين باعتبارهم قوماً عاشوا مع الأكاديين أو سبقوهم على أرض جنوب بلاد الرافدين. وحتى في مجال الكتابة أصبح جلياً إن الدراسات العلمية الرصينة لا تميل إلى قبول الرأي القائل أنها من اختراع السومريين. ومن هنا فأننا نميل بدليل ما تقدم، إلى الاعتقاد بعدم وجود شعب يختلف قومياً عن الأكاديين بهذا الاسم. وأما اللغة السومرية فلدينا ما يكفي من الأسباب التي تجعلنا نذهب إلى أنها لغة وضعت من قبل الأكاديين لغرض التدوين قبل أن يتمكنوا من ابتكار وسيلة لتدوين اللغة الأكادية نفسها. ونرى أن اللغة السومرية بالشكل التي وضعت فيه لم تكن قابلة للتحدث بها، كما سنوضح لاحقاً ولكنها ساعدت الأكاديين على التوصل إلى المقطعية، بعد المرحلتين الصورية والرمزية)) ص32
الكتاب يورد العديد العديد من الادلة والشروحات التي تؤكد هذه الفكرة، منها:
· الدليل الوحيد على الوجود المفترض للسومريين هو وجود اللغة السومرية ولكن هل يمكن أن نستدل على وجود شعب من لغة خاصة بالتدوين فقط ولا تستعمل في التخاطب. ان الاختلافات بين السومرية والأكادية ليست كافية لنفي ارتباط اللغتين. ان السومرية هي البداية لما طُوِّر لاحقاً على يد الأكاديين ..((بدأ الناس بكتابة ما ينطقون به بشكل رموز بدائية ثم طوروا تلك الرموز .. أي أنه طبيعي أن تتم تلك النقلة بغض النظر عن صاحبها))..
· هذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها العلماء الغربيين بالتلاعب بالحقائق المتصلة بمعطيات تاريخية وأثرية، ولا هي المرة الأولى التي يحاولون فيها نسب المنجزات التي قدمها العرب أو الساميون إلى غيرهم من الشعوب:
من الادلة الواضحة على هذا التلاعب المقصود، عندما اضيف زوراً أسم السومريون في كثير من الرقم حيث ورد أحياناً (الشعب السومري) وأحياناً (أرض سومر)، في تراجم العلماء الغربيين الذين نقلوا الكتابة من المسمارية إلى اللاتينية، ثم منها أخذ كل العلماء والباحثون في أصل اللغة والحضارة.
ولكن عندما عاد الباحث إلى الرقم الأولى التي تناولتها الترجمة، حتى اكتشف فيها خديعة كبرى هي أن هؤلاء العلماء، وأهمهم (كريمر) قاموا بزيادة صغيرة، فقط أضافوا (كلمة سومر وسومري) حيث ناسب ذلك. انه كلام مثير ولكن الرقم موجودة ويمكن التأكد منه. أن الرقم تذكر مثلاً عبارة: (خمس جرار إلى الأرض).. لكن ترجمة (كريمر) تقول: (خمسة جرار إلى أرض سومر).. وهكذا...
· أن ما سمي بالأدب السومري لم يدون قبل العصر البابلي القديم أي أن السومريين قد تم ذكرهم بعد اختفاء وجودهم المفترض بأكثر من خمسمائة عام! أي إن علم اللغة السومرية يقع بالأساس خارج العصر السومري حيث استمر التدوين بها من قبل العراقيين لأكثر من ألف عام بعد انتهاء السومريين.
· يبقى ان نشير الى أن (كريمر) هذا الذي أخذنا كلامه وصدقناه وتحولنا معه من البحث في تطور اللغة والحضارة إلى السؤال المحير والساذج عن (أصل السومريين)، هو إسرائيلي الهوية ويحضر المؤتمرات الدولية باسم إسرائيل!.
حتى الآن لم يتم العثور على أية أصول يقينية أو علاقة واضحة ومؤكدة مع أي لغة أخرى. إن اللغة السومرية لغة منعزلة ولا تعود إلى أي عائلة لغوية قديمة أو حديثة معروفة. وهذا يؤكد انها مصطنعة وليست طبيعية.
· ان العقيدة الدينية لسكان بلاد النهرين لا تدل على وجود شعبين مختلفين (سومري واكدي) بل شعب واحد بعقيدة دينية واحدة. ولا يتناقض ذلك أنه أطلق أسماء سومرية أو أكدية على عدد من الآلهة التي عبدوها. كذلك كانت مجالات الأدب باللغتين متطابقة ما يدل على تماثلها، وفي أحيان كثيرة يكون النص الأدبي نفسه مدونا ً بكلتا اللغتين. ولم تكن هناك عملية نقل بين أبواب الأدب التسعة المتطابقة في النصوص السومرية والأكادية هي : قصص الآلهة والأبطال، الترانيم، المراثي، الرسائل الأدبية، المناظرات والحوارات، أدب الحكمة، أدب السحر، الهزل والهجاء، ونصوص متفرقة.
· كانت بناية كل معبد تشيد في العصور التاريخية ويتوجب أن تحمل إسما ً باللغة السومرية واستمر هذا العرف الى أواخر عصور تلك الحضارة. ونظرا ً لما لأبنية المعابد من أهمية وقدسية فلم يكن ممكنا ً أن يستمر الأكاديون في تسمية معابدهم بأسماء سومرية إذا كانت هذه لغة شعب آخر.
· ثم هنالك المقاطع الرمزية التي وجدت في السومرية من دون أن تكون لها قيم صوتية وهذا ما يثبت أنها قد دخلت الى السومرية من اللغة الأصلية وهي الأكادية كما نعتقد على يد أصحابها الذين ابتكروا اللغة السومرية لغرض التدوين.
· ظهرت في نصوص السومرية أسماء للهجات متعددة أو تفريعات للغة السومرية، وبعد التدقيق تبين إنها ليست لهجات وإنما طرق استعمال مختلفة للغة السومرية. وبذلك يمكن التأكيد على أن السومرية لغة ابتكرت لترسم على الألواح أكثر من كونها لغة محكية أمكن اختراع الكتابة لها. ص36
· ذكرت النصوص المسمارية أسماء الأقوام القديمة ولكنها لم تشر للسومريين، ونجد فيها ذكرا ً للأكاديين / الآموريين / الآشوريين / العيلاميين / الكاشيين / الآراميين / العرب / المصريين، وحتى أقوام بعيدة مثل الهنود وحين ترد كلمة سومري في النصوص السومرية فإنها تدل على معنى (كاتب اللغة السومرية) وليس سومري القومية!
· لاحظ الباحث ان أسماء الاشخاص باللغة السومرية والتي تعني انها أسماء سومرية، لكنها استعملت لأشخاص أكديين. فمثلا ان (أنخدو ـ أنا) الأديبة التي كتبت باللغة السومرية والأكدية وهي تحمل هذا الاسم السومري، وهي ابنة سرجون الأكادي. فهل يعقل أن ينجب الأب الأكدي ابنة سومرية ؟ مثال آخر من سلالة أور الثالثة التي تألفت من خمسة ملوك خلف كل منهم أباه في الحكم. أن اسمي الملكين الأولين من هذه السلالة (أور ـ نمو وشلجي) كانا سومريين أما ابن شلجي أمار ـ سين أو بور رسين فقد حمل إسماً أكادياً ولكن حفيده (شو ـ سين) حمل إسماً سومرياً، بينما ابن الأخير (ابي ـ سين) حمل إسماً أكادياً. وليس من المعقول أن يكون الملوك من قوميتين مختلفتين وهم من نسل واحد.
كل هذه الادلة تؤكد على أن السومرية هي لغة كتابة اخترعها الأكاديون لغرض التدوين، كلغة مقدسة ومرحلة أولية حتى توصلوا فيما بعد الى تدوين لغتهم الأصلية.
المصدر: حقيقة السومريين، ودراسات أخرى في علم الآثار والنصوص المسمارية. / الدكتور نائل حنون/ دار الزمان ـ دمشق 2007 / عدد الصفحات 422
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أطوار اللغة السومرية


ترجمة د. حميد حسون بجية
(عن دائرة المعارف البريطانية2006 )


وهي إحدى اللغات العازلة (أي التي تعتمد على استعمال الصيغ المبنية بدل التصريف في الدلالات النحوية)، وأقدم لغة باقية بشكلها الكتابي. وقد ثبت أنها كانت قيد الاستعمال في بلاد ما بين النهرين عند حوالي 3100 قبل الميلاد، وازدهرت خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد. وعند حوالي 2000 قبل الميلاد أستُبدلت السومرية بصفتها لغة دارجة باللغة الأكدية (أي الآشورية - البابلية)، وهي إحدى اللغات السامية، بيد أنها (أي السومرية) بقيت قيد الاستعمال بشكلها المكتوب حتى نهاية عمر اللغة الأكدية تقريباً عند حوالي بداية العهد المسيحي. ولم تتوسع اللغة السومرية كثيراً إلى ما وراء حدودها الأصلية في جنوب بلاد ما بين النهرين؛ وكان كل العدد القليل من متكلميها الأصليين لا يقاس إذا ما قورن بالأهمية والتأثير اللذين أبدتهما تلك اللغة في تطوير حضارات بلاد ما بين النهرين والحضارات القديمة الأخرى خلال كل مراحل تطور تلك اللغات.
تاريخها
يمكن تمييز أربعة أدوار مرت بها اللغة السومرية: اللغة السومرية المماتة archaic Sumerian  ، واللغة السومرية القديمة أو الكلاسيكية (الفصحى) Old or Classical ،  واللغة السومرية المحدثة New Sumerian ،  واللغة السومرية المتأخرة Post-Sumerian .
مواصفاتها
لم يكن بالإمكان معرفة أصل اللغة السومرية بصورة أكيدة. فقد قورنت مجموعة اللغات الأورالية -الآلتية (التي تشتمل على اللغة التركية)، واللغة الدرافيدية Dravidian والبراهيو والبانتو وعدد آخر من المجموعات اللغوية باللغة السومرية، ولكن ما من نظرية من النظريات التي اعتمدت على هذه المقارنات حازت على القبول العام. فالسومرية على ما يبدو لغة إلصاقية agglutinative ، وذلك يعني أنها تحتفظ بجذر الكلمة على حاله بينما تعبّر عن التغييرات النحوية المختلفة من خلال إضافة البوادئprefixes  والدواخل (أي الإضافات الوسطية) infixes واللواحق suffixes . أما الفرق بين الأسماء والأفعال، كما هو موجود حاليا في اللغات الهندية - الأوربية أواللغات السامية مثلاً، فهو غير معروف في اللغة السومرية. فعلى سبيل المثال كلمة دَك dug حين تكون مستقلة في السومرية فهي تعني (الكلام) speech إسماً، و(يتكلم) to speak فعلاً، وهذا يبين الفرق بين الاسم والفعل من خلال النحو وإضافة اللواصق affixes المختلفة ؟؟؟؟
وتشتمل الأصوات المميزة (أي الفونيمات أو الأصوات phonemes) في اللغة السومرية على أربعة حروف (أصوات) علة vowels هي: a و i و e وu ، مع 16 حرفاً (صوتاً) صحيحاً وهي: b و d وg و n وh و  kوl وm و  nوp وr وs وs وs وt وz. ففي اللغة السومرية الكلاسيكية، لم يكن التقابل بين الأصوات الصحيحة b وd وg وz وبين الأصوات الصحيحة p و t وk وs بين أصوات صائتة (أي تتذبذب الأوتار الصوتية عند نطقها) وبين أصوات غير صائتة (أي لا تتذبذب الأوتار الصوتية عند نطقها)، ولكن بين أصوات صحيحة لا تختلف في الإصاتة وبين أصوات مشفوعة بنفحة هواء (أي مصحوبة بنفحة هواء عند نطقها). كما أن الصوتين شبه اللينين (شبه الحركتين غير تامتين) y وw كانا يعملان كصوتي علة منزلقين.
وفي الأسماء لا يجري التعبير عن الجنوسة gender . أما العدد فيشار إليه باستخدام إحدى الإضافات: (مي)  meو (مي+أش) me +esh ، و(هيا)  hia، أو بالتكرار، كما في كلمة (كوركور) kur+kur التي تعني (جبال). وتشتمل الصيغ المتعلقة بالاسم التي تتطابق تقريباً مع حالات تصريف الأسماء في اللغة اللاتينية على: (أَ) e للفاعل (حالة الرفع) و(آ) أو(آك) أي (of) وتعني (لـ) للإضافة (حالة الجر) و(را) ra و (شَ) she أي (to) و(for) ومعناهما (لـ) في إحدى حالات النصب عندما تكون الكلمة مفعولاً به غير مباشر و(آ) a ومعناها (في) (حالة الظرفية) و(تا) ta ومعناها (من) (from ) (إحدى حالات الجر) و(دا) da ومعناها (مع) (with )(التي تدل على المعية).
أما الفعل في اللغة السومرية، وما يرتبط به من سلسلة من البوادئ والدواخل واللواحق فهو يقدم صورة غاية في التعقيد. وتتّبع العناصر المرتبطة بالفعل نظاماً ثابتاً، أي على الترتيب التالي: العناصر المساعدة والعناصر التي تدل على الزمن وعناصر النسبة والعناصر السببية وعناصر المفعول به أو المجرور(النصب والجر) وجذر الفعل وعناصر الفاعل وعناصر الفعل اللازم الدال على المضارع والمستقبل. وفي صيغة الماضي البسيط المتعدي المبني للمعلوم يكون ترتيب عناصر المفعول به والمجرور والفاعل بشكل معكوس. ويمكن للفعل أن يميّز التعدية واللاتعدية والبناء للمعلوم والمجهول والزمنين، أي ما يدل على المضارع والمستقبل والماضي البسيط إضافة إلى الشخص والعدد.
وكانت هنالك بضع لهجات سومرية معروفة. ومن بين تلك اللهجات المهمة لهجة أمَ- كَير، وهي اللهجة السومرية الرسمية، وكذلك لهجة أمَ- سال وهي اللهجة التي غالباً ما كانت تستخدم في صياغة الترانيم
(التراتيل) والرقى (التعاويذ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللغة الأكدية



اعداد: د. زاهية النجفي


اللغة الأكّدية (لِشَانُم أَكّديتُمْ) هي لغة سامية قديمة، ظهرت في بلاد النهرين، منذ 3000 سنة قبل الميلاد وانتشرت لتصبح لغة المراسلات الرسمية في الهلال الخصيب وعموم بلدان الشرق الاوسط. وهي تصنف ضمن مجموعة اللغات السامية الشرقية. تأثرت اللغة الأكادية باللغة السومرية، وهي لغة غير سامية والتي كانت مستعملة إلى جانب الأكادية، ثم حلت الأكادية محلها في بداية الألفية الثانية قبل الميلاد. وبقيت اللغة الأكادية (بلهجتيها البابلية والآشورية) سائدة في العراق لثلاثة آلاف عام، حيث حلت الآرامية محلها في القرون الأخيرة السابقة للميلاد.

يقسم المؤرخون تاريخ اللغة الأكادية إلى ثلاث مراحل:

ـ المرحلة الأكادية (من حوالي 2800 حتى 2000 قبل الميلاد)
ـ المرحلة البابلية (من حوالي 2000 حتى 1000 قبل الميلاد(
ـ المرحلة الآشورية (من حوالي 1000 حتى سقوط الدولة الآشورية في القرن الخامس قبل الميلاد).
الاكدية تدوَّن بالخط المسماري الذي ورثته من السومرية، فوق ألواح الطين. وهى اللغة الوحيدة التى حفظت كتابات ترجع إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، دُوِّنَت بالخط المسمارى على ألواح من الفخار، ومن أهم هذه الكتابات: قوانين مدينة אֶשְנֻנַ (إشنونا) من بداية الألف الثانى ق.م، وقوانين حمورابى من القرن السابع عشر ق.م، ملحمة جلجامش من القرن السادس عشر ق.م ورسائل تل العمارنة من القرن الرابع عشر ق.م وغيرها.
وصلت اللغة الأكَّـادية إلى قمة انتشارها فى القرن السابع عندما أصبحت المملكة الأشورية فى ذروة قوتها، واستخدمتها (اللغة الأكَّـادية) مناطق كثيرة فى الشرق الأدنى. حتى فيما بعد، عندما فقدتا أشور وبابل قوتهما، وأفسحت اللغة الأكَّـادية كلغة حديث، الساحة للغة اليونانية، أصبحت لغة الكتابة فى المراسلات والمعاملات المالية وغيرها.
أن الأكاديين هم أول من مارس فن الترجمة في تاريخ البشرية، فلقد حفظ  لنا الدهر من أدبهم ترجمات قاموا بها من اللغة السومرية إلى لغتهم الأكادية، كما حفظ لنا مجموعة من القوائم اللغوية المحتوية على شرح أكادي للكلمات السومرية النادرة أو الصعبة، فكانوا بذلك أول من مارس (علم صناعة المعجم) ولكن بصورة محدودة لأن القوائم التي عثر عليها تقتصر على طائفة معينة من الأسماء. أما في الفترة البابلية، فقد وضعت قوائم لغوية مزدوجة أطول من القوائم الأكادية لطول عهد البابليين بالحقبة السومرية.
مميزات الاكدية
احتفظت اللغة الأكادية بحكم قدمها بالكثير من خصائص اللغة السامية الأم وهي اللغة التي تفرعت اللغات السامية عنها. فاحتفظت بالإعراب الذي لم تحتفظ به كاملاً إلاّ الأكادية والعربية مع فارق أن الإعراب في الأكادية يكون بالميم وليس بالنون (التنوين) كما هو في العربية، والإعراب بالميم (تَـمِّيم) هو الأصل في الساميات. ويشار إليه بوضع ميم صغيرة في نهاية الكلم. مثال: مُشْكِينُم (muškīnum) مِسكين، والكلمة من السومرية.
عموماً تتميز اللغة الأكَّـادية بلهجتيها الرئيسيتن بالسمات اللغوية والنحوية التالية:
1- جذور الكلمات تتكون فى الغالب من ثلاثة حروف وفى بعض الحالات أربعة حروف.
2- إشتقاقات الكلمة تكون من خلال تغيير الحركات فى جذر الكلمة ومن خلال سوابق ولواحق خاصة وكذلك من خلال إضافة بعض الصوامت (الحروف).
3- فى اللغة الأكَّـادية أربع حركات أساسية طويلة وقصيرة  u, i, a, e
4- اختفت الحروف الحلقية والتى تعتبر من سمات اللغات السامية، فى معظم الحالات وتحولت إلى حركات مثل : נהר nāru , חמור imru ، על bēlu وغيرها.
5- تضاف علامة الجمع فى نهاية الكلمة، مثل اللغة العبرية.
6- تشبه الأعداد أعداد باقي اللغات السامية.
7- يحل حرف الشين فى بعض الحالات، محل حرف الهاء فى العبرية مثل: היא ši ، הוא šu
8- للفعل 12 وزناً وللأزمان (الماضى، المستقبل، المضارع....) تتبع الأكَّـادية طريقة مختلفة تماماً عن باقى اللغات السامية.
9- لا توجد علامة خاصة للتعريف لكن يضاف للأسماء المنكرة حرف (m) مثل amtum جارية، أَمَة.
10- يختلف تركيب الجملة الأكَّـادية عن تركيب جُمَل بقية اللغات السامية. فيكون الفعل فى اللغة الأكَّـادية فى نهاية الجملة مع إضافة حركات ā أو ū.
الاكدية والعربية
ـ ألفاظ الأكدية لا تختلف كثيراً عن ألفاظ العربية، ولكنها أقرب الى ألفاظ اللهجات الحالية السائدة في العراق والشام، مثل :  ز=  ذ، س = ث، ص = ظ  ض،1 =غ و ع و ح و 5، ش = س. وهذه بعض الامثلة:
أٌزْنُمْ = أٌذْنٌ /  شُورُمْ = ثَوْرٌ /  صِلُّمْ = ضِلٌّ /  ًرْصًتُمْ = أَرْضٌ / بًيلُمْ = بَعْلٌ / ًدًيشُمْ = حَدِيثٌُ (أصل الكلمة الأكادية حَدَاثٌ) / كَرْشُمْ = كَرْشٌ (أصلا ب س2) / رًيشُمْ = رَأْسٌ / شَرَّاقُمْ = سَرَّاقٌ / يِشْرِقْ = يسرق / يِدَّقْ = يُقتل
ان إعراب الأكادية شبيه جداً بإعراب العربية، مثلاً:
بِيتُمْ = بَيْتٌ / بِيتَمْ = بَيْتًا
بِيتِمْ = بَيْتٍ
بِيتَانْ = بَيْتَانِ
بِيتِينْ = بَيْتَيْنِ
بِيتُمْ = بَيْتٌ
بِيتَاتُمْ = بُيُوتٌ
بِيتَاتِمْ = بُيُوتٍ، بُيُوتًا
لكن في حال الإضافة يستعمل صيغة بلا إعراب:
بِيتْ أَوِيلِمْ = بَيْتُ اَلْرًّجلِ
الضمائر تختلف أكثر عن العربية:
أَنَاكُ = أنا / أَتَّ = أنتَ / أَتِّ = أنتِ / شُو = هو / شِي = هي / نِنُ = نحن / أتُّنُ = أنتم / أَتِّنَ = أنتن / شُنُ = هم / شِنَ = هن
الصفة الأخرى إن الأكدية خالية من صوت الهاء حيث استعيض عنه في الأغلب بصوت الشين، فتحول ضمير المؤنث : (هــي) إلى (شـي).
الفعل الأكادي يختلف كثيراً عن الفعل العربي، ففي الأكادي الفعل له صيغ كثير جداً. أهمها:
الماضي (يشبه المضارع العربي)، مثلا إِرْفُدْ = ركض   /  المضارع: إِرَفَّدْ = يركض/  الماضي البعيد: إِرْتَفَدْ = كان قد ركض / الحال: رَفُدْ = هو ركض.
بعض الحروف الأكادية تشبه حروف العربية، مثلا ؤُ=و، كِيمَ = كَـ. لكن الكثير منها تختلف، مثلا: أَنَ = لِـ، إِنَ = في أي بِـ، إِشْتُ = من.
الأكَّـدية والعبرية
يعتقد كثير من الباحثين أن العبريين الاوائل إتصلوا بالأكديين وأثرت اللغة الأكَّـادية على بداية نشأة اللغة العبرية. ويقول البعض أن هناك أكثر من ألف كلمة دخلت اللغة العبرية من اللغة الأكَّـادية، مثل: אגרת , אחי ، אם , אניה , אנכי , הלך , אלף , ירח , אויב , אור , היכל , כסא, סוכן , ספר ....
ويبدو أن ذلك التأثير لم يكن فى الكلمات فقط  بل يوجد تقارب بين اللغة العبرية والأكَّـادية فى الصور النحوية مثل: يستخدم وزن נפעל فى الأكَّـادية للتعبير عن المبني للمجهول مثل اللغة العبرية وكذلك بعض التعبيرات المألوفة فى العهد القديم مثل שנה את טעמו (صوئيل الأول 21 :14) , כמים לים מכסים (إشعيـاء11 : 9) ، עטה של שפם (حزقيال 25 : 17)، وهذه التعبيرات لها نظير فى اللغة الأكَّـادية.
طريقة قراءة النصوص الأكدية
دونت النصوص الأكادية والبابلية والآشورية بالكتابة المسمارية وهي كتابة بدأت صورية وانتهت مقطعية. والكتابة المسمارية المقطعية هي كتابة تدون (المساميرُ) فيها مقاطع صوتية مكونة من حرف وصوت مثل (مَ، مُ، مِ) الخ؟ وتمر عملية القراءة بمراحل ثلاث هي:
1- قراءة النص الأكادي ونقل المقاطع الصوتية المسمارية إلى العربية.
2- تجميع المقاطع الصوتية وتكوين الكلمات.
3- القراءة والترجمة.
مثال :
- بع.عل شَ.مِ.اي و إر.صِ.تِم
- بَعْل شَمِي وإرصتِم
- ربُّ/ سيِّدُ السماوات والأرض.
وإليكم هذا النص الأكادي (البابلي) من القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، الذي يُعرف في علم الآشوريات بـ (أُخذة كِشْ) لأنه عُثر على رقيمه في مدينة كِشْ. والأُخذة هي تعويذة يستكتبها الرجلُ الكاهنَ أو الساحرَ لاستمالة قلب امرأة يهواها ... ولا يزال هذا التقليد معمولاً به في العالم العربي كما هو معروف!
وهذه الأخذة استكتبها رجل من كِش أحدَ الكهان لاستمالة قلب امرأة يتعشقها كانت فيما يبدو تصده.
ولحسن الحظ وُجِدَ قبل أعوام من الآن كتاباً في العربية عالج فيه كاتباه هذا النص معالجة علمية جيدة جداً وقدَّماه شارِحَين إياه شرحاً مسهباً بمقارنته مع العربية مقارنة عميقة لأنهما متخصِّصَيْن في علم الآشوريات. وأنصح الزملاء المهتمين بالنصوص القديمة للشرق باقتنائه وقراءته خصوصاً وأن المصادر العربية التي تقدم النصوص السامية والشرقية القديمة من اللغات الأصلية (وليس نقلاً عن اللغات الأوربية) نادرة جداً. والكتاب هو:
"أُخْذَةُ كِش، أقدم نص أدبي في العالم، تقديم وتحقيق: ألبير فريد هنري نقاش وحسني زينة، مكتبة لسان المشرق، ديوان النصوص الأصلية، بيروت 1989 .
نص الأخذة وترجمتها
إِل ُحَيا إِرْحَمَ(م) يِرَءَّمْ
إِرْحَم(م) مَرَءْ إِلت ُعَشْتَرْ إِنْ زَجِّ(م) يُثَّبْ
إِنْ رُغْتِ كَنَكْتِ(م) يُدَرَّءْ
وَرْدَتا دَمِقْتا تُحْتَنـّا(م)
كِرِيشُ(م)ْ تُرْدا تُرْدامْ(م)
أَنَ كِرِي رُغْتِ كَنَكْت(م) طِيبْ دادْكَ
آخُذْْ فاكِ شَ رُقَّتِ(م)، آخُذْ بُرَّماتِ عِنيكِ، آخُذْ عُرْكِ شَ ثِنَتتِ(م)
***
أَشْحِطْ كِرِيشْ إِلُسِينْ أَبْـتُكْ جِشْ صَرْبَتَ(م)
يُومِيشَّ دُورِي تَنِتَّ(م) تِزْكَرِينِـي
كِِ رَعي يطور صأن(م) عَنْزِ(م) جَلُمَشَ لَخْر(م) فُخَسَّ أَتان(م) مُهْرَشْ
شِرْكُوا يِداشُ شَمْنُ(م) طِيبُوتُ(م) شَفَتاشُ
أسامْ شَمْن(م) إِنْ قاتِيشُ أَسامْ إِرِنِ(م) إِنْ فُودِيشُ
إِرْحَم(م)يُدَبَّـبُشِ(م) وَ يِشْكُـنُشِ أَنَ مُخُّوتِ(م)
***  
آخُذْْ فاكِ شَ دَدِ
إِلتُ عَشْتَرْ و إِلتُ إَشْخَرَ أُتِمِّيكِ
قَدِ زَوَرْشُ وَ زَوَرْكِ لا إَعْـتَمْدا لا تَفَسَّحِينِّ
ترجمة حرفية
الإلهُ حيا يَرأَمُ اليَرْحمَ
اليرحمُ ابنُ الإلهةِ عشتار في المحراب
بالبخور المُرِّ يَتَطَيَّب
البَتُولَتانِ الحَسْناوانِ اسْتُرْضِيَتا
وَرَدَتا الكَرْمَ وَصَدَرَتا
في كَرمِ بَخُّور المر طَيِّبْ وِدَّك
أخَّذْتُ فاكِ ذا الرِّقَّةِ، أخَّذْتُ عَينَيك الزَّرقاوَين، أخَّذتُ حِرَكِ ذا الثَّنْيَة!
*** 
أَسْرَعتُ إلى كَرْمِ الإله سِين، وقَطَعتُ من غَرَبَة الفُرات
ذكرتني إحسانا طُولَ عُمْرِي، يوماً تلو الآخر
كالراعِي يَطُورُ الضّأنَ، والعَنزةِ جَدْيَها، والشاةِ حَملَها، والأتانِ مُهْرَها
نِعْمَتان يَداهُ، دُهْنٌ وطِيبٌ شَفَتاهُ
دُهنُ الأَرْزِ العَطِر في كَفَّيْـهِ، دُهنُ الأرز العَطِر في فُودَيهِ
زَمْزَمَ اليَرْحمُ عليها ... ثُم فَتَنَها!
***
أخَّذْتُ فاكِ الحَبِيب!
أَقْسَمتُ عَليكِ بالإلهةِ عَشتار والإلهةِ إِشْخَرَ
ألا تَذْهَبِي قَبلما زَوْرُهُ وَزَوْرُكِ ... يَتَّصِلان

المصادر
ـ اللغة الاكدية / د.عبدالرحمن السليمان/ باحث سوري/ موقع جمعية المترجمين العرب.
ـ اللغـات السـامية/ أبراهام بار يوسف / ترجمة: عمرو زكريا / موقع جمعية المترجمين العرب.
ـ الاكدية / موسوعة وكيبيديا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكتابة المسمارية



اعداد / طارق كامل

في حدود سنة 3200 ق. م. ابتكر العراقيون الكتابة (المسمارية ـ Cuneiform) حيث كتبت بها اللغة السومرية، ونشروها في أنحاء الشرق الاوسط حيث أصبحت هذه الكتابة هي الوحيدة المتداولة، واستعملتها شعوب ايران والاناضول والشام، بل حتى في مصر أحياناً حسب بعض الوثائق الآثارية.
في عام 2400 ق.م تم اعتماد هذا الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية بلهجتيها الآشورية الشمالية والبابلية الجنوبية. ورغم إحلال الاكدية بدل السومرية، إلاّ أن العراقيين حافظوا على اللغة السومرية كلغة مقدسة خاصة برجال الدين. دام استعمال هذه الكتابة حوالي 3000 عام، أي حتى قبل الميلاد ببضعة قرون إذ بدأت الكتابة الابجدية القادمة من الشام تنتشر مع انتشار اللغة ألآرامية خصوصاً أثناء حكم السلالة الاخيرة (الكلدانية الجنوبية).
لقد دون العراقيون بالمسمارية السجلات الرسمية وأعمال وتاريخ الملوك والأمراء والشؤون الحياتية العامة كالمعاملات التجارية والأحوال الشخصية والمراسلات والآداب والأساطير والشؤون الدينية والعبادات. وأيام حكم الملك حمورابي (1728– 1686 ق.م.) وضع شريعة واحدة تسري أحكامها في جميع أنحاء مملكة بابل . وهذه الشريعة عرفت بقانون حمورابي الذي كان يضم القانون المدني والأحوال الشخصية وقانون العقوبات. وفي عصره دونت العلوم. وكان الملك آشوربانيبال ( 668- 626 ق.م.) من أكثر ملوك السلالة الآشورية ثقافة. فجمع الكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب قومية خاصة شيَّدها في عاصمته نينوى بالعراق. وجمع فيها كل الألواح الطينية التي دونت فوقها العلوم والمعارف.
يشكل اختراع الكتابة وإدخالها في الاستعمال العام أهم حدث في التاريخ الفكري للبشر، فهو الحد الذي يفصل بين مرحلة ما قبل التاريخ والمراحل التاريخية اللاحقة. سميت الكتابة السومرية بالكتابة المسمارية لأن شكلها يشبه المسامير. والسبب في ذلك عائد إلى طبيعة المواد التي استعملوها في الكتابة: ألواح من طين تغمس الكتابة فيها غمساً بواسطة قلم من قصب فيشكل الغمس في الرقيم الطيني مثلثاً يشبه رأس المسمار. ثم تخط خطوط عمودية وأخرى أفقية فيحصل على شكل مشابه للمسمار. بعد ذلك كانت الألواح الطينية الرطبة توضع في تنور وتطبخ بالنار وتصلب تمهيداً للاحتفاظ بها.
الكتابة المسمارية في طورها الأول كتابة صورية (كذلك المصرية الهيروغليفية)، ولكن السومريين سرعان ما طوروها لتصبح كتابة مقطعية، وبهذا تم اختزال الرموز المستعملة فيها إلى أصوات المقاطع في اللغة السومرية البالغة حوالي 598 مقطعاً صوتياً.
وتم فك رموز الخط المسماري في القرن التاسع عشر وبذلك تسنى للعلماء قراءة النصوص الإدارية والرياضية والتاريخية والفلكية والمدرسية والطلاسم والملاحم والرسائل والقواميس المسمارية. ويوجد حوالي 130000 لوح طيني من بلاد الرافدين في المتحف البريطاني.
وفي هذا السياق يتوجب علينا أن نشير الى ان الكتابة المسمارية هي أقدم كتابة في تاريخ البشرية الى جانب الكتابة المصرية (الهيروغليفية hieroglyphs ) التي ظهرت تقريباً في نفس الفترة. وقد اطلق الاغريق هذه التسمية الاغريقية على الكتابة الفرعونية وتعني (النقش المقدس). وهي أيضاً كتابة صورية (ليست حروفية) مثل السومرية. وقد انتهى استعمال هذه الكتابة أيضاً في نفس الفترة التي انتهت فيها المسمارية أي في القرن السابع ق.م، حيث بدأت الكتابة الحروفية (الابجدية) القادمة من سواحل الشام والتي تعد أول أبجدية في التاريخ.

مراحل تطور المسمارية*

وقد مرت العلامات الكتابية بمراحل ثلاثة متداخلة اكتمل في أثنائها نظام التدوين وأصبحت منذ مطلع العصور التاريخية في حدود 3000 قبل الميلاد وهذه المراحل هي :

· المرحلة الصورية Pictographic stage
وهي أولى مراحل جميع الكتابات المعروفة في بلاد الرافدين واكتشف أكثر من خمسة آلاف رقيم طيني من دور الوركاء (الطبقة الرابعة) عثر على معظمها في حرم معبد أي انا في الوركاء وعثر على قسم منها في كل من تل العقير وجمدة نصر ـ وخفاجي وأور وشروباك وكيش وذلك منذ مطلع القرن العشرين. وتمثل هذه الرقم أقدم الرقم المكتشفة حتى الآن لذا عرفت بالرقم القديمة، أو الأقدم archaic tablets، أي الرقم الأركائية. وعرفت أيضاً برقم ما قبل المسمارية proto cuneiform إذ كانت العلامات الكتابية مرسومة عليها بقلم مدبب الرأس يتم تحريكه على الطين الطري لرسم الشيء المادي المراد التعبير عنه رسماً تقريبياً.
وعرفت العلامات المدونة على هذه الرقم بالعلامات التصويرية  Pictographicلأنها تصور بشكل تقريبي الأشياء المادية، وعرفت المرحلة التي استخدمت فيها تلك العلامات بالمرحلة التصويرية المبكرة من تاريخ الكتابة.
كانت صورية إلاّ أن قسماً منها استخدم أحياناً وفق الأسلوب الرمزي أيضاً ideographic، إذ كانت العلامة الواحدة تعبر عن كلمة معينة أو فكرة معينة. والمعروف أنه لا يمكن تحديد اللغة التي استخدمها الكاتب عند استخدام علامات صورية ورمزية فقط  إذ يمكن قراءة مثل هذه العلامات المجردة من السوابق واللواحق بأية لغة كانت دون التقيد بلغة الكاتب الذي كتبها طالما لا تعبر مثل هذه العلامات عن اللغة أو الكلام المحكي ولا تضم الأدوات النحوية اللازمة لتكوين الجمل والعبارات بل إنها عبارة عن رسوم تقريبية لأشياء مادية فحسب وإلى جانبها أرقام تشير إلى أعدادها أو كميتها.
إن حقيقة أن قسماً من العلامات المرسومة في هذه المرحلة المبكرة من تاريخ الكتابة لا تمثل تماماً الشيء المادي الذي تعبر عنه يشير إلى أن تلك العلامات كانت قد مرت بمرحلة من التطور سابقة عندما كانت العلامات المرسومة تطابق من حيث الشكل الأشياء المادية التي تعبر عنها. إلى جانب ذلك فإن هناك قسماً من العلامات تعبر عن أشياء أو حيوانات لم يكن لها وجود في دور الوركاء / الطبقة الرابعة مما يشير إلى أنها استخدمت أول مرة في زمن سابق عندما كانت الأشياء والحيوانات موجودة في المنطقة أو في غيرها من جنوبي بلاد الرافدين وربما ستكشف لنا تنقيبات مقبلة عن ألواح الوركاء (الطبقة الرابعة) في مدن أخرى، أو أن محاولات الكتابة الأولى كانت قد تمت على مواد سريعة التلف، كالجلود مثلاً حالت تربة السهل الرسوبي الرطبة دون بقائها.
أما مضامين النصوص المكتشفة فغالبها كانت اقتصادية وتقدر نسبة النصوص الاقتصادية إلى مجموع الرقم المكتشفة بأكثر من 85% أما الرقم الأخرى الباقية فكانت لغوية مدرسية. إذ ضمت قوائم بأسماء مختلفة مثل أسماء الحرف والأسماك والطيور والمعادن والمدن.. الخ. أما الرقم الاقتصادية فتضم قوائم توزيع الجرايات ووصولات تسلم الحيوانات والمنسوجات والأطعمة والمعادن وخزنها.
وضمت الرقم ذات المضامين الاقتصادية غالباً علامات تمثل الأشياء المراد الإشارة إليها وإلى جانبها علامات تدل على الأعداد أو الكميات وغدت الرقم وكأنها سجلات تثبت ما يدخل المعبد أو يخرج منه إذ وجدت غالبية الرقم في حرم المعبد. وتشير دراسة الأرقام المكتوبة على هذه الرقم أن الكتبة استخدموا كلا النظامين العشري والستيني في الحساب.
ويرى بعض الباحثين أن هذه الرقم تمثل طوراً منطقياً لعدد من وسائل التذكر التي سبقت الإشارة إليها فبعد أن كان يرفق بالأشياء والحيوانات المقدمة إلى المعبد، مثلاً، دلالات (بطاقات) طينية tokens مثقوبة من إحدى الزوايا لغرض ربطها أو تعليقها بالشيء أو الحيوان الذي تعود لـه وقد تظهر عليها طبعة ختم أسطواني تشير إلى هوية صاحب الشيء وعليها علامات خاصة بالأرقام، استعيض عنها برسم الأشياء أو الحيوانات المقدمة على لوح من طين وأشير بجانبها إلى أعدادها أو كميتها وطبع عليها الختم الأسطواني كي تبقى تذَّكر وتخبر بما دخل المعبد أو خرج منه بشكل أوضح وليس كالدلالات الطينية التي إذا ما فصلت عن الشيء أو الحيوان الذي تعود له فقدت أهميتها ولم تعد وسيلة للتذكر أو الإخبار.
كانت أشكال العلامات التصويرية المبكرة واضحة المعالم غالباً ويمكن معرفة الشيء المادي الذي تعبر عنه، وقد تمثل العلامة رسماً للشيء المادي بكامله، كالعلامات التي استخدمت للدلالة على السمكة والمحراث والسفينة وغيرها، وقد تمثل العلامة جزءاً من الشيء المراد التعبير عنه فقط. مثل العلامات التي تمثل رأس ثور للدلالة على الثور ومع ذلك تجردت طائفة من العلامات وابتعدت تدريجياً عن الأصل الذي تمثله وفقدت أحياناً أية صلة بالأصل، وقد استعان الباحثون في تتبع أصول مثل هذه العلامات بالمشاهد المنقوشة على الأختام وحاولوا تعيين أشكال العلامات.
وظلت طائفة من العلامات غامضة ولم يتمكن الباحثون من تتبع أصولها كالعلامات التي تمثل الثور مثلاً فإنه يصعب مطابقتها مع شكل الثور في رقم الوركاء/ الطبقة الرابعة ويستحيل ذلك في رقم جمدة نصرة في حين يمكن التعرف على أصل العلامة التي تعبر عن الخنزير في رقم الوركاء. ويبدو أن العلامات التي تصور أشياء أو حيوانات شائعة وواسعة الانتشار أو الاستخدام، كالثور والشاة والرجل وغيرها، رسمت بسرعة وعناية قليلة فكانت بعيدة عن الشيء الذي تمثله في حين رسمت العلامات التي تدل على أشياء أو حيوانات نادرة نسبياً بعناية أكثر ودقة فجاء رسمها بشكل واضح، فاختلفت أساليب الرسم باختلاف الكتبة وابتعدت الرسوم تدريجياً عن الأصل الذي تمثله.
أسلوب كتابة العلامات
سبقت الإشارة إلى أن أقدم الألواح التي تحمل علامات كتابية بطريقة تحريك قلم مدبب الرأس على الطين الطري ورسمت رسماً تقريبياً الأشياء المادية المراد التعبير عنها. ومنذ أواخر دور الوركاء (الطبقة الرابعة)، وفي رقم الوركاء من الطبقة الثالثة وما بعدها ورقم جمدة نصر، حدث تغيير مهم في أسلوب كتابة العلامات على الطين. فبعد أن كان الكاتب يرسم العلامة بقلم مدبب الرأس غدا يطبع العلامة على الطين الطري وذلك بضغط نهاية القلم ذي المقطع قائم الزوايا وبشكل مائل تاركاً في كل مرة طبعة غائرة تتألف من خط مستقيم يمثل ضلع مقطع القلم قائم الزوايا، ومثلثاً غائراً يمثل طبعة زاوية مقطع القلم عندما يمسك القلم بشكل مائل ويضغط بزاويته على الطين. وبتكرار عملية طبع القلم تتألف على الطين وفق شكل العلامة المراد رسمها، تتشكل العلامة وتظهر مؤلفة من مجموعة من الخطوط الأفقية والعامودية والمائلة، ينتهي كل خط منها بمثلث صغير غائر ويظهر شكلها وكأنها مؤلفة من طبعة مجموعة من الأسافين أو المسامير. ويلاحظ أن الكاتب حاول اختزال رسم العلامة وتجاوز رسم المنحنيات والتفاصيل الدقيقة التي كان من السهل رسمها بأسلوب تحريك القلم كما نفعل الآن عند الكتابة بقلم الحبر أو الرصاص.
أما بالنسبة لعدد العلامات الكلي المستخدم فيبدو أنه كان كبيراً في بدايات الكتابة ثم بدأ بالتقلص حتى استقر العدد في الحقب المتأخرة نسبياً على ما يقرب من 550 علامة. فكثرة المواد والأشياء التي كان الكتبة يرغبون بالتعبير عنها كتابة واختلاف أساليبهم في التعبير وفي رسم تلك الأشياء زاد في عدد العلامات المستخدمة. وقد أمكن حصر ما لا يقل عن 2000 علامة في رقم حرم أي انا في الوركاء من الطبقة الرابعة، ويظن أن عددها كان ضعف هذا الرقم. وفي رقم شروباك كان عدد العلامات المستخدمة 800 علامة، أما رقم جمدة نصر وأور، فقد أمكن احتساب 400 علامة فقط.
إن اختزال استخدام العلامات شمل العدد كما شمل الشكل أيضاً. وكان ذلك في محاولة لتسهيل أسلوب الكتابة، فمثلاً كان هناك أكثر من ثلاثين علامة مستخدمة للدلالة على الشاة في رقم الوركاء، في حين أصبح عددها ثلاث علامات فقط  في رقم الطبقة الثالثة وتقلّص إلى شكلين فقط في رقم الطبقة الثانية وهكذا بالنسبة للعديد من العلامات. وربما كان الغرض من تعدد العلامات الدالة على شيء مادي واحد، كالشياه أو الثيران هو بيان جنس ذلك الشيء أو لونه أو حجمه ثم استعاض الكتبة عن ذلك بإلحاق صفة من الصفات إلى العلامات بدلاً من كتابتها بشكل خاص. وكان من وسائل تقلص عدد العلامات أيضاً دمج علامتين أو أكثر بعلامة واحدة مركبة وإهمال استخدام العلامات التي تكونت منها. وكان من نتائج هذا التقليص في عدد العلامات ولاسيما عن طريق الدمج أن أضيف إلى معاني العلامة الواحدة معان جديدة وزادت قيمتها الصوتية.
ومما يلاحظ أنه رافق عدد العلامات المستخدمة واختزال أشكالها بتجاوز التفصيلات الدقيقة اتجاه مضاد يعمل على زيادة عدد العلامات. فقد تتطور العلامة الواحدة إلى علامتين مختلفتين من أجل شرح الأفكار المختلفة المرتبطة بمعنى العلامة، وقد تدمج علامتان أو أكثر لتكون علامة جديدة ثالثة تستخدم إلى جانب العلامتين السابقة، فمثلاً العلامة التي تدل على الرأس زيد عليها عدد من الخطوط والتفاصيل الأفقية فتكونت علامة جديدة تشير إلى الفم، وإذا زيد عليها علامة صغيرة تدل على الخبز أو الأكل أصبح معنى العلامة الجديدة المركبة الفعل أكل وهكذا.

أما بالنسبة لدمج علامتين مستقلتين بعلامة واحدة تحمل معنى جديداً، فلعل خير مثال على ذلك هو دمج العلامة لُ lu التي تعني رجل والعلامة كال gal التي تعني عظيم، لتكوين علامة جديدة لوكال lugal التي تعني (ملك) أو (رجل عظيم).
رجل = لُ lÙ=  
عظيم = كَال gal =  
ملك = لوكَال lugal =

· المرحلة الرمزية Ideographic stage
ومهما زاد عدد العلامات الصورية أو قلَّ، فإنه لا يمكن بوساطة هذه العلامات التعبير عن كل ما يجول في ذهن الكاتب من أفكار وأفعال وأحداث بل اقتصر التعبير على الأشياء المادية التي يمكن رسمها ولو بشكل تقريبي وبيان عددها أو كميتها وربما الإشارة إلى صاحبها. وإن مثل هذه الطريقة الصورية لا تفصح بالطبع عن اللغة التي كتب بها الكتبة تلك العلامات شأنها في ذلك شأن جميع العلامات والإشارات الصورية المستخدمة حتى الوقت الحاضر، مثل إشارات المرور، التي يمكن قراءتها بأية لغة وبغض النظر عن لغة كاتبيها، وقد حفزت هذه الحقيقة الكتبة الأوائل إلى ابتكار طريقة جديدة للتعبير عما يجول في خاطرهم فابتكروا الطريقة الرمزية Ideographic، أي الرمز إلى بعض الأفعال والصفات والأفكار بكتابة أو رسم علامات صورية لأشياء مادية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتلك الأفعال والصفات والأفكار، ولم تعد العلامة الصورية المستخدمة تدل على الشيء المادي الذي تمثله فقط بل غدت ترمز إلى كل الأسماء والأفعال والصفات التي ترتبط بذلك الشيء. فمثلاً العلامة الصورية التي تدل على القدم كشيء مادي غدت تستخدم للرمز إلى كل الأفعال المرتبطة بالأفعال بالقدم مثل المشي والوقوف والذهاب والحمل والجري، والعلامة التي تدل على النجمة أصبحت تستخدم للإشارة إلى الإله الذي هو في السماء وإلى السماء نفسها وإلى صفة عال، والعلامة التي تدل على المحراث الخشبي أصبحت تستخدم للدلالة على المحراث وعلى الحارث وعلى الحراثة وعلى فعل حرث وهكذا. كما أدمجت بعض العلامات الصورية مع بعضها الآخر للدلالة على معان جديدة. كما ألمحنا، فمثلاً أدمجت العلامة التي تدل على الجبل وتلك التي على المرأة لتركيب علامة جديدة تعني (أمة) أي (امرأة من الجبل) وهو مصدر الإماء في العصور القديمة وهكذا بالنسبة لبقية العلامات المركبة. وبهذه الطريقة المعنوية التي لا يمكن التعبير عنها بالطريقة الصورية المجردة وظلت الطريقتان تستخدمان في آن واحد منذ وقت مبكر جداً. إذ يشير قسم من رقم الوركاء من الطبقة الرابعة أيضاً أنها ضمت علامات استخدمت استخداماً رمزياً على نحو ما ألمحنا..

· المرحلة الصوتية (المقطعية) phonetic stage
وهي أهم المراحل التي مرت بها الكتابة المسمارية وأكثرها تعقيداً وتطوراً، فعلى الرغم من استخدام العلامات المسمارية بالطريقتين الصورية والرمزية للدلالة على الشيء المادي الذي يريد الكاتب أن يعبر عنه أو يرمز له، ظلت هذه العلامات قاصرة على التعبير عن الكلام المحكي، أي اللغة، تعبيراً دقيقاً بل ظلت عاجزة عن بيان اللغة التي تكلم بها الكاتب وأسلوب لفظ العلامات التي رسمها أو طبعها على الطين، كما أن الكتابة وفق الطريقتين الصورية والرمزية لا تساعد على كتابة أسماء الأعلام والأدوات النحوية ولا يمكن بوساطتها توضيح صيغ الأفعال والأسماء وبيان علاقة المفردات اللغوية المستخدمة في الجملة الواحدة بعضها بالبعض الآخر. لذا كانت الحاجة ملحة لابتكار طريقة جديدة في استخدام العلامات المسمارية تهتم بالصوت الذي تقرأ به العلامة دون المعنى الصوري أو الرمزي الذي تدل عليه، فكانت الخطوة المهمة في ابتكار الطريقة الصوتية في الكتابة phonetic stage التي تمثل آخر مرحلة من مراحل تطور الكتابة المسمارية إذ إن العراقيين القدماء لم يطوروا كتابتهم إلى الطريقة الأبجدية التي انتشرت فيما بعد في أنحاء العالم كافة لسهولة تعلمها وكتابتها.
لقد بدأ استخدام الطريقة الصوتية في الكتابة منذ وقت مبكر ولا يمكن تحديد بدء استخدامها على وجه الدقة إلاّ أنه يمكن تتبعها في رقم الوركاء من الطبقتين الثالثة والثانية وفي رقم جمدة نصر، وتمثل هذه الرقم أقدم الرقم التي تمكن الباحثون من قراءتها ومعرفة لغتها السومرية. ويبدو أن أول خطوة نحو استخدام الطريقة الصوتية في الكتابة تمثلت في كتابة الكلمات المتشابهة لفظاً في المعنى بعلامة واحدة كانت تستخدم أول الأمر للتعبير عن معنى إحدى هذه الكلمات. فمثلاً كانت هناك علامة تستخدم للدلالة على الثوم. وهي العلامة  التي كانت تقرأ سُم sum بالسومرية وتعني (ثوم). ولما كان الفعل (ذهب) بالسومرية يلفظ (سُم) أيضاً فقد استخدم الكاتب السومري العلامة نفسها للدلالة مرة على الثوم ومرة أخرى للدلالة على الفعل ذهب وذلك حسب مضمون النص. أي أن الكاتب هنا استخدم القيمة الصورية للعلامة   ، وهي سُم تلفظ sum، لكتابة كلمة جديدة لا علاقة لها بمعنى العلامة الصورية، وهو (ثوم) إلا أنها كانت تلفظ sum أيضاً. وقد نجد ما يشابه ذلك في الكتابة العربية من حيث الشكل فقط، فقد نكتب الكلمة (ذهب)، مجردة من الحركات ونعني بها معدن الذهب، وقد نكتب الكلمة نفسها في جملة أخرى ونعني بها الفعل (ذهب) وتحدد الجملة ومضمون النص المعنى الذي قصده الكاتب، وكذلك الكلمة حية التي تعني مرة الثعبان ومرة على قيد الحياة حسب مضمون النص ولعل أقدم الأمثلة على استخدام الطريقة الصوتية في الكتابة هو ما ورد في أحد ألواح جمدة نصر وهي أقدم الألواح التي تمكن الباحثون من قراءتها ومعرفة لغتها. فقد ورد في اللوح ثلاث علامات مسمارية هي 
ويمكن قراءة هذه العلامات الثلاث على النحو الآتي: إن. لل. تِ en. Lil. ti وكما هو معروف فإن العلامتين الأولى والثانية من اليسار تؤلفان اسم الإله انليل، إله الجو وأحد الآلهة السومرية الرئيسة، في حين تعني العلامة الثالثة، التي تلفظ تِ TI، (سهم). وأن هذا المعنى لا يستقيم مع معنى العلامتين الأخريين، إذ لا معنى للعلامات الثلاث إذا ترجمنا العلامة الثالثة على أنها تعني (سهم). لذا حاول الباحثون أن يجدوا معنى آخر للعلامة تِ  TIفوجدوا أن الفعل (يحيا) أو (يهب الحياة) يلفظ بالسومرية تِ TI أيضاً وأن الكاتب السومري قد قصد هذا الفعل عندما كتب العلامة  بعد اسم الإله انليل إذ إنه أراد القول إن (الإله أنه انليل يهب الحياة)، وبعبارة أخرى، فإنه استخدم القيمة الصوتية للعلامة  التي تعني سهم، وهي تِ ti، دون الالتفات إلى معناها حسب الطريقة الصورية. ولم يتوقف الكتبة عند هذا الحد بل إنهم استخدموا العلامة  بوصفها مقطعاً صوتياً في كتابة أية كلمة أخرى يدخل في تركيبها هذا المقطع سواء أكانت الكلمة اسماً أو فعلاً أو أداة نحوية أو غيرها. وما يقال عن العلامة  ينطبق على العلامة  التي كانت تلفظ خَ ha وتعني بالسومرية حسب الطريقة الصورية (سمكة) ثم غدت تستخدم وفق الطريقة الصوتية المذكورة آنفاً، مقطعاً صوتياً لكتابة أية كلمة يدخل في تركيبها المقطع الصوتي خَ ha. مثل اسم الملك حمورابي أو أي اسم أو فعل آخر يدخل في تركيبه المقطع خَ ha. وبعبارة أخرى، غدت العلامات المسمارية الصوتية الرمزية تستخدم من أجل قيمها الصوتية فقط بغض النظر عن معانيها الصورية أو الرمزية وأصبحت أشبه بالحروف الأبجدية التي نستخدمها الآن في كتابة أية كلمة والاختلاف بين الحروف الأبجدية وقيم العلامات الصوتية أن الحرف الأبجدي يمثل صوتاً منفرداً consonant، مثل صوت م  m و د d وب b وغيرها في حين يمثل المقطع الصوتي صوتاً صامتاً مع حرف علة، قبله أو بعده مثل مَ ma ومِ mi ومُ mu واَم am واِم im  واُم um.. الخ، وقد يكون مؤلفاً من حرفين صامتين بينها حرف علة نحو: لِيل lil ودَم dam، ونَن nan ... الخ. أو من حرفين من حروف العلة بينها حرف صامت نحو: اَبَ aba واُدُ udu واُرُ uru وغيرها. فإذا أراد الكاتب أن يكتب اسم الملك حمورابي مثلاً، وبالطبع لا يمكن كتابة أسماء الأعلام بالطريقة الصورية والرمزية، كان عليه أن يكتبه بالطريقة الصوتية أي المقطعية وذلك بأن يجزئ الاسم أولاً إلى عدد من المقاطع الصوتية، وبالنسبة لاسم حمورابي يمكن تجزئته إلى المقاطع خَ ومُ ورَ وبِ ha.mu.ra.bi. ثم يبدأ بالبحث عن العلامات الصورية أو الرمزية التي تلفظ مثل لفظ هذه المقاطع دون الالتفات إلى معانيها، ويضع بعضها إلى جانب بعضها الآخر ويقصد منها قيمها الصوتية فقط  لكتابة الاسم حمورابي لذا يمكن كتابة الاسم بالعلامات الآتية:


التي يمكن قراءتها = خَ ـ مـُ ـ رَ ـ بَ habi. mu.r`a.
ولو أننا دققنا النظر في معاني هذه العلامات الصورية الرمزية لوجدنا أنها تعني سمكة (خَ ha) + اسم (مُ mu) + ضرب (رَ ra) + شراب (بِ bi)، إلاّ أن الكاتب لم يقصد هذه المعاني من العلامات من أجل قيمها الصوتية فقط  ليعبر بوساطتها عن اسم حمورابي. ولكي يمنع الالتباس على القارئ السومري أو الأكدي استخدم بعض وسائل الإيضاح ليوضح للقارئ أن المقصود من كتابة هذه العلامات هو كتابة أسم شخص مذكر فوضع علامة خاصة تعني رجلاً قبل مجموعة العلامات التي تمثل الاسم وسيأتي شرح ذلك فيما بعد مما أطلقنا عليه اسم العلامات الدالة determinatives.
وقد أفاد الكتبة من طبيعة اللغة السومرية في الكتابة المقطعية كثيراً إذ إن معظم المفردات اللغوية السومرية تتألف من مقاطع أحادية، أي أن الأسماء والأفعال فيها يتألف كل منها من مقطع صوتي واحد، وكان الكتبة قد خصصوا لكل مفردة سومرية تقريباً علامة خاصة استخدموها أول الأمر بالطريقة الصورية أو الرمزية، ثم استخدموا قيم تلك العلامات الصورية لكتابة كلمات جديدة يدخل في تركيبها تلك المقاطع الصوتية كما أشرنا سابقاً عند كتابة السومريين منذ البدء علامات تدل على معان معينة وتلفظ كما تلفظ حروف العلة، فهناك علامة تلفظ  اَ = a وهي العلامة  وتدل على الماء وأخرى تلفظ  اِ = I   وتعني (رمى) وثالثة تلفظ  اِ = e  وتعني وحدة قياس ورابعة تلفظ  اُ = u وتعني نباتاً فاستخدمت هذه العلامات لتعبر عن حروف العلة في اللغتين السومرية والأكدية وكتبت بها الكلمات التي تدخل في تركيبها هذه المقاطع الصوتية دون الالتفات إلى معانيها الصورية أو الرمزية. فمثلاً إذا أراد الكاتب أن يكتب مصدر الفعل الأكدي اَكالُ akalu بمعنى (اكل) فإنه يجزئ الاسم إلى ثلاثة مقاطع أولاً، وهي اَ a + كَ ka + لُ lu ومن ثم يكتب العلامات المسمارية التي تلفظ مثل هذه المقاطع وهي   فاستخدم هنا المقطع اَ a، الذي يعني ماء، كمقطع صوتي فقط. وكذلك بالنسبة للمقطعين الآخرين.
**هذا القسم مقتبس نصاً من : الكاتب في بلاد الرافدين القديمة ـــ عامر عبد الله الجميلي ـ منشورات اتحاد الكتّاب العرب دمشق –2005
ـــــــــــــــــــــ

تدوين اللغة الأكدية*

إلاّ أن الصعوبة في استخدام الطريقة الصوتية (المقطعية) في الكتابة بدأت عندما حاول الكتبة تدوين اللغة الأكدية التي أصبحت منذ عهد الدولة الأكدية ( 2371ـ 2230 ق.م) لغة البلاد إلى جانب اللغة السومرية، واستمرت بالتداول باللهجتين البابلية والآشورية طيلة أكثر من ألفي عام. لكن الأكدية لغة (سامية) تختلف عن اللغة السومرية من جوانب عدة فهي تضم أصواتاً صامتة، كالأصوات الحلقية والمفخمة التي لا توجد في اللغة السومرية كما أن تركيبها النحوي وصياغة الاسم والفعل فيها بتغيير بنية الكلمة وحركاتها وذلك بزيادة حركات أو حروف على جذر الكلمة في بدايته أو نهايته أو بين أحرفه الأصلية أو حذف حركات أو حروف منها بذلك يتغير المعنى ويحدد تحديداً دقيقاً وأن كل ذلك لا يمكن التعبير عنه بوساطة العلامات الصورية أو الرمزية الموجودة في الكتابة المسمارية السومرية المنشأ، لذا كان على الكتبة أن يجدوا طرائق ووسائل جديدة تساعد على استخدام الكتابة المسمارية لتدوين اللغة الأكدية بأفضل صيغة ممكنة فمنها:
§ الطريقة الصوتية بالدرجة الأساس حيث استخدموا قيم العلامات الصوتية مقاطع لتدوين المفردات الأكدية، فكان الكاتب يجزئ الكلمة الأكدية إلى عدد من المقاطع الصوتية ويحاول أن يجد علامات مسمارية فيها قيم صوتية مشابهة لأسلوب لفظ المقاطع الخاصة بالمفردة الأكدية، وقد يدمج الكاتب مقطعين في مقطع واحد، حسب رغبة الكاتب والأسلوب الذي اعتاده في الكتابة ولا توجد قاعدة عامة لذلك.
§ استخدم العلامات المسمارية بمعانيها الصورية أو الرمزية وبخاصة في الحقب المبكرة ـ عصر الدولة الأكدية وحتى بداية العصر البابلي القديم ـ فإذا أراد الكاتب أن يكتب كلمة رجل أو يلم = awilum أو كلمة بيت، بيتُم = bitum، بكتابة العلامة المسمارية التي تعني، وفق الطريقة الرمزية والصورية، (رجل) أو (بيت) أو غيرها من المفردات التي توجد لها علامة مسمارية خاصة تعبر عنها.
§ وقد يستخدم الكاتب الطريقة الرمزية نفسها في التعبير عن عدد من المفردات اللغوية الأكدية أو الطريقة الصوتية (المقطعية) حسب رغبته دون قيود معينة، وبمرور الوقت تزايد استخدام الطريقة الصوتية في الكتابة وتقلص استخدام العلامات الرمزية إلاّ في العلامات التي تدل على أشياء مادية، أي حسب الطريقة الصورية.
§ استخدم المقاطع الصوتية التي تضم أصواتاً مخففة لتدوين الأصوات الأكدية المفخمة أيضاً مثل استخدام المقطع الذي يضم صوت (س) المخفف لتدوين المقطع الأكدي الذي يضم صوت (س) وصوت (ص) وصوت (ز) وعبروا عن صوت الحاء (ح) أو العين (ع) بأحد حروف العلة بـ (e )أو يـ (I)، أو الحركة القصيرة المماثلة لهذين الحرفين ( ا e واِ I) .
§ خصص الكتبة علامات مسمارية معينة كانت موجودة في الكتابة المسمارية أصلاً لتدوين مقاطع أكدية معينة، أو أنهم ابتكروا علامات جديدة لتدوين الأصوات الأكدية التي لا توجد علامات مسمارية تعبر عنها.
§ أضاف الكتبة قيماً صوتية للعلامات الرمزية التي كانت تلفظ بالسومرية وهذه القيم الصوتية الجديدة تمثل أسلوب لفظ العلامة الرمزية بالأكدية، وبذلك زاد عدد قيم العلامة الرمزية الصوتية وكما في الأمثلة الآتية:
العلامة الرمزية السومرية (إ = e ) والتي تعني بيت، غدت تقرأ بالأكدية بيتُم (bitum ) بمعنى بيت أيضاً وغدت تستخدم للتعبير عن المقاطع الصوتية المشتقة من قراءتها الأكدية وقد زاد عدد معاني العلامة المسمارية الواحدة عن عشر معان كما زادت قيمها الصوتية أكثر من ذلك.
وهي علامات توضع غالباً قبل العلامات المسمارية التي تدل على الأسماء وأحياناً بعدها لتحدد صنف أو ماهية الاسم الذي تعود له والمعنى المقصود منه، إن كان للعلامة أو العلامات المسمارية التي تمثله أكثر من معنى واحد. فالعلامة التي تدل على الخشب، (وهي العلامة التي كانت تقرأ بالسومرية GIŠ وبالأكدية اِصُ is.u وتعني شجرة) إذا وضعت أمام أية علامة مسمارية أو مجموعة علامات عرف أن تلك العلامة أو العلامات تدل على اسم شيء مصنوع من الخشب. وهكذا بالنسبة لأسماء المدن والبلدان والأنهار والأشخاص والمجموعات البشرية.
ويظن أن هذه العلامات كانت تكتب فقط ولا تقرأ لما كانت الغاية منها توجيه القارئ إلى المعنى المقصود من العلامات فحسب. وهي علامات تمثل مقاطع صوتية كانت تكتب بعد العلامات الرمزية من معنى واحد أو قراءة واحدة تهدف إلى تحديد المعنى أو القراءة المقصودة من العلامات الرمزية وذلك بكتابة علامة إضافية بعدها تشير إلى المقطع الصوتي الأخير من المعنى أو القراءة المطلوبة واستخدمت النهايات الصوتية على نطاق واسع لبيان حالة الاسم الإعرابية، فالعلامة الرمزية لا تعبر عن حركة الاسم الإعرابية، فإذا وضع الكاتب بعد العلامة الرمزية المقطع الصوتي الذي يشير إلى حركة الإعراب مع التمييم أو بدونه عرف القارئ موقع الكلمة من الإعراب وهكذا نجد أن أكثر العلامات الرمزية المستخدمة للدلالة على الأسماء يعقبها أحد المقاطع الثلاثة الرئيسة التي تدل على حركة الإعراب والتمييم وهي امُ um واَم am واِم im. وكما هي الحالة بالنسبة للعلامات الدالة، يظن أن النهايات الصوتية كانت تكتب للإرشاد فقط إذ إن العلامة الرمزية كانت تقرأ كاملة مع حركة الإعراب، كما تشير إليها النهاية الصوتية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*المصدر: الموسوعة الكونية / الكتابة المسمارية


الكتابة المسمارية وطريقة قراءة نصوصها وترجمتها*

الكتابة المسمارية المقطعية هي كتابة تدون (المساميرُ) فيها مقاطع صوتية مكونة من حرف وصوت مثل (مَ، مُ، مِ) الخ. وتمر عملية قراءة النصوص المسمارية وترجمتها بأربع مراحل هي:           
1- قراءة النص الأكادي ونقحرته مقطعاً مقطعاً.
2- تجميع المقاطع الصوتية وتكوين الكلمات.
3- الترجمة.
4- شرح اللغة.
مثال / المادة السادسة من قانون حمورابي :
(نقلت النص المسماري بخط اليد لعدم وجود برنامج طباعة لكتابته)

1- القراءة والنقحرة  
شُمْ – مَ أَ- وِي- لُم نِج2 – جا (= نَمْكُور) دنجير (= إلِّم) أُو – إِي- جَل يِشْ- رِ-ِ قْ، أَ- وِي- لُم شُ –ُ يِدْ- دَ- َق، و شَ شُ -ُرْقَ-َم إِ- نَ قَا- تِ- شُ يِمْ-خُ- رُ يِدْ- دَ-َق
2- جميع المقاطع الصوتية وتكوين الكلمات:
شُمَّ أَوِيلُم نَمْكُور إلِّم وإِيكَلِم يِشْرِقْ، أَوِيلُم شُ يِدَّقْ، أُو شَ شُرْقَم إِنَ قَاتِشُ يِمْخُرُ يِدَّقْ.
3- الترجمة:
(إذا سرق رجلٌ مُلكاً لإله أو من هيكلٍ، يُقتل ذلك الرجل، ويُقتل كلُّ مَن استلم من يده (المُلكَ المسروقَ).
4- شرح اللغة:
الكلمـة شرحـها
شُمَّ حرف شرط
أَوِيلُم (رجل)، اسم نكرة مرفوع، مشتق من الجذر (أول). وكان في المجتمع البابلي ثلاث طبقات: طبقة الأحرار (أَوِيلُم)، طبقة الفلاحين (مُشْكِينُم)، وطبقة العبيد (وَرْدُم من الجذر "ورد")
نَمْكُور (رزق، مال، متاع). اسم منصوب مضاف، وتحذف الحركة في المضاف في الأكادية
إلِّم
(إله)، ويجانس في العربية
(إلٌّ) بنفس المعنى. اسم نكرة
مضاف إليه مجرور وعلامة
جره الكسرة الظاهرة على آخ
ره! ولهذه الكلمة في اللغات
السامية جذران اثنان هما :
الجذر الأول: إلٌّ (Þill-um) الأكادية: إلٌ (=Þill-um)، العبرية: אל (=Þīl)، الفينيقية والأوغاريتية: إلّ،  السريانية: ܐܠܐ (=Þellā)، العربية: إلٌّ. (انظر معنى "إلٍّ" في الآية الكريمة: لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذِمة. (10:9) وكذلك معنى قول أبي بكر الصديق (رض) عندما تُلي عليه بعض من (وحي) مسيلمة الكذاب: (إن هذا لشيء ما جاء به من إلٍّ)، ويؤنث هذا اللفظ في العربية على : إلَّةٌ (=Þillat-un) ومنه جاء اسم الصنم (اللات).


ومنه اسم مدينة "بابل" بالأكادية: (باب إلّيم) (= Bāb ÞIll-īm) أي (باب الآلهة). ويرد الاسم في العبرية كثيراً في أواخر الأسماء مثل إسماعيل وميكائيل وإسرائيل، وورد في العربية في أسماء مثل (ياليل) و(شرحبيل).

الجذر الثاني: (إله) (بإضافة الهاء) العبرية: אלוה (=Þelōah، وانحراف اللفظ في العبرية مصدره انقلاب ألف المد قبل حروف الحلق إلى ōa). وهذا اللفظ نادر الورود في التوراة بالمفرد وكثير الورود فيها بصيغة الجمع هكذا: אלהים (=Þelōhīm = إلوهيم. ويرى علماء التوراة في جمع اسم الإله فيها مشكلة لاهوتية عويصة ويرى بعضهم أن ذلك (جمع جلالة) أو pluralismajestatis). الآرامية القديمة: אלוה (=Þelāh)، السريانية: ܐܠܗܐ (=Þelāhā) (الإله) والألف نهاية الكلمة للتعريف، العربية: إله / إلاه.
وإِيكَلِم
الواو حرف عطف وإيكل: (هيكل)، من السومرية أيضاً(من: إي (بيت) و: جَل (كبير)، والكلمة نكرة مجرورة لأنها مضاف إليه
يِشْرِقْ
يسرق (الجذر (سرق)): فعل تام
شُ / شَ
اسم إشارة (ذلك) / اسم موصول (الذي)
يِدَّقْ
يُقتل (الجذر دقق)
شُرْقَم
اسم نكرة منصوب (المسروق)، (الشيء المسروق)
إن
مِن
قَاتِشُ
اسم مجرور بحرف الجر / إن / (من)، مضاف إلى ضمير. (يَدِهِ).
قاتُ: (يد)، شُ: ضمير الملك للغائب المفرد
يِمْخُرُ
استلمَ (الجذر مخر): فعل تام
ــــــــــــــــــــــــ



من معالم الحضارة العراقية القديمة

جعفر هادي حسن
إن دولة (بابل) لم تكن تعني فقط مدينة (بابل) التي كانت هي العاصمة، أما الدولة فكانت حسب الفترات، تشمل كل بلاد النهرين، وأحياناً تتوسع نحو البلدان المجاورة. لهذا فأن الحديث عن حضارة بابل يعني الحديث عن الحضارة العراقية القديمة كلها.           (ميزوبوتاميا)
اشتهرت بابل عند الناس ببرجها وحدائقها المعلقة وقليل منهم من كان يعرف عن حضارتها وتراثها. وعلى الرغم من أن الكثير من آثارها مازال حبيساً تحت الأرض حيث هناك الآلاف من المواقع الأثرية تنتظر كشف مافيها إلاّ أن ما استخرجه الآثاريون حتى العصر الحاضر ليس قليلاً. حتى قال أحد الباحثين الأوربيين وهو يتحدث عن بلاد مابين النهرين ((إنه يمكننا القول ومن دون مبالغة أن ليس هناك بلد في العالم خلَّفَ نصوصاً قديمة بهذه الكثرة ووصلت إلينا كما كتبت))(1). وهذه النصوص تعطي صورة عن تميز حضارة بابل بتعدد جوانبها وتأثيرها على التطور المعرفي في تاريخ الإنسان. وكان من الأمور المهمة التي لعبت دوراً في بقاء هذه الحضارة هو اهتمام البابليين بالكتابة والتدوين واعطائهما أهمية كبيرة حتى أنهم جعلوا للكتابة إلاهة أسموها (نيسابا) (التي تحمل في يدها القلم) والتي كانت مهمتها الإشراف على الكتابة وفنها. وقد قام الكتبة الذين أيضا كانوا علماء وأصحاب منزلة رفيعة عند الملوك وبين المجتمع بدور حضاري في منتهى الأهمية خصوصا في المرحلة الأولى من المملكة البابلية القديمة (في بداية الألف الثاني قبل الميلاد) حيث تمكنوا من اتقان اللغة السومرية (التي هي غير سامية) وحفظ العدد الهائل من رموزها بأسمائها وطريقة نطقها واعطاء معانيها باللغة الأكدية (السامية) ثم تأليف القواميس بهاتين اللغتين حيث وصلتنا نماذج منها. فكان هؤلاء مترجمين من الدرجة الأولى (وقد ورث العرب والأوربيون كلمة ترجمانو من البابليين). ولولاهم (كما قيل) لما كانت حضارة بلاد مابين النهرين. وكان الكتبة يتدربون في مدرسة خاصة بهم تسمى (أدوبَا) وتعني حرفياً (بيت الألواح). وما اكتشف من هذه المدرسة يعطينا فكرة واضحة عنها وطبيعة المواضيع التي تدرَّس فيها. وكان على رأس المدرسة شخص يطلق عليه (أومُيا) وهي كلمة سومرية تعني (الخبير/ العارف) ويليه في الرتبة مسؤول الفصول الذي يطلق عليه (أدَا ادوبا)  ثم هناك المختصون مثل (طوبشارنشد) خبير/ استاذ الرياضيات و(طوبشار أشاكا) خبير/ استاذ الهندسة والمساحة. وكان أهم موضوع يدرس في هذه المدرسة هو اللغة السومرية ويطلق على الأستاذ الذي يدرسها (طوبشار كنكيرا) المختص باللغة السومرية وأستاذها والذي كان له موقع خاص في هذه المدرسة. وجهود هؤلاء الكتبة- العلماء تثير اليوم الكثير من الإعجاب. ولولا هذه الجهود التي بذلها هؤلاء لما تمكن العلماء المختصون من معرفة اللغة السومرية وفك أسرارها وفهم معانيها.
وتعتبر القواميس اللغوية التي ألفها هؤلاء الكتاب عملاً جديداً ومن أولى المحاولات في تاريخ المعرفة الإنسانية. وكان عمل البابليين مستقلاً عما كان قد عمل في حضارة إيبلا في سوريا. ولم يؤلف مثل هذه القواميس بعد ذلك لقرون طويلة، إذ أن الإغريق لم يكونوا يهتمون بلغات الشعوب الأخرى. وأصبحت هذه القواميس مفيدة لبقية الشعوب بعد أن أصبحت الأكدية لغة الدبلوماسية والتجارة في الشرق الأدنى. وبتقدم الزمن اهتم البابليون بتأليف قواميس خاصة كقواميس أسماء الأحجار والنباتات والحيوانات والمعادن بل ألفوا قواميس لمعاني الأفعال وقواميس لغوية للأضداد والمترادف، بل وللجذور واشتقاقاتها واستعمالاتها وكذلك قواميس للكلمات النادرة التي تستعمل في الأدب. كما لم تخل هذه القواميس من توضيحات وتعليقات خاصة من فترة الألف الأول قبل الميلاد.(2) ويرى باحثون أن تطور الكتابة عند البابليين لم يستغرق وقتاً طويلاً على الرغم من القواعد الدقيقة التي وضعوها لها والأدب المتميز الذي أنتجوه(3). ومن المهم الإشارة هنا إلى أن مهنة الكتابة عند البابليين لم تقتصر على الرجال وحدهم وانما كانت هناك أيضاً نساء كاتبات منذ وقت مبكر من الحضارة البابلية كما تدل على ذلك المكتشفات من مدينة (سبار)(4) التي تقع شمال بابل وهو شيء له أكثر من دلالة. كما أن معرفة القراءة والكتابة لم تكن مقتصرة على طبقة معينة من الناس كالكتاب والكهنة. بل إن الكثير من النصوص الأدبية التي عثرعليها جاءت من بيوت الناس العاديين(5) وربما كان بعضهم يملك مكتبات خاصة. وهذا يعطينا فكرة عن أن البابلي كان له اهتمامات أدبية أيضاً.
وكان أحد المكتشفات الأولى التي عثر عليه الآثاريون والذي أثار إعجاب الناس هو ماعرف بشريعة حمورابي  التي تعتبر من أقدم القوانين في الحضارات القديمة وأكثرها شمولاً وتفصيلاً. إذ تحتوي على أكثر من مئتين وثمانين فقرة  شملت الكثير من مناحي الحياة. كما تميزت شريعة حمورابي خاصة بجمال اللغة ودقتها وصفائها. وقد جاء في بعض ديباجتها التي تعطي بعض أسباب تشريعها ((إنه من أجل أن يسود العدل في البلد ويقضى على الشر والظلم وكي لا يضطهد القوي الضعيف)). وقد وضعت نماذج منها في أماكن عامة كالمعابد كما كان التلاميذ يتعلمونها لمضمونها ولجمال لغتها وأصبحت نصوص هذه القوانين نموذجاً لما يسمى اللغة البابلية القديمة.
وكما برز البابليون في تشريع الشرائع فقد اشتهروا أيضاً في مجالات أخرى كالطب وكان للطبيب الذي يسمى (أسو) (وهو آسي في العربية وآسيا / اسا في السريانية) موقع مهم في المجتمع وكان يعد من أبناء الطبقة العليا وكانت مهنته متميزة لاعلاقة لها بالدين أو السحر إذ من كان يمارس علاج الناس بواسطة هذين كان يسمى (أشيفو). بينما كان الطبيب الذي كان يتميز بين الناس بحمل أدواته معه وطريقة حلاقة شعره يتعلم مهنته بالدراسة أولاً. وبعد الانتهاء من الدراسة كان يقوم بممارستها مع من هم أقدم وأكثر خبرة  منه. وقد وصلنا عدد كبير من الألواح التي تضم قوائم بالأعراض والأمراض والوصفات الطبية التي كتبها أطباء. وهي تحتوي على تشخيص لأسباب طبيعية للأمراض. (ويعتقد أن أقدم وصفة طبية هي تلك التي وصلتنا من بلاد الرافدين من سلالة أور الثالثة). ويتبين من بعض هذه الوصفات التي اكتشفت أن العناصر المكونة للدواء مازالت مستعملة اليوم لنفس المرض. ومن النصوص في مجال الطب مؤلَف مهم اعتبره الباحثون تحفة علمية راقية يعود إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد على الأقل وعنوانه (رسالة في التشخيصات الطبية والتكهنات). ويعتقد بعض الباحثين ان هذا المؤلَف ربما كان يحتوي على خمسة آلاف إلى ستة آلاف فقرة وقد عثر على أربعين لوحاً منها تمثل نصفها تقريباً(6) كما أن هؤلاء الأطباء عرفوا العدوى وشخَّصوها كما عثر على رسائل مرسلة إلى أطباء فيها الكثير من التفاصيل لحالات مرضية وبعضها احتوى على بعض أسماء الأطباء أيضا. وكان بعض هؤلاء الأطباء قد أرسل من بابل لمعالجة ملوك معاصرين للبابليين مثل الملك الحثي (حتوسيلس الثالث) في القرن الثالث عشر قبل الميلاد(7). وقد استعمل الأطباء في علاج هذه الأمراض ليس الأدوية فحسب وإنما استعملوا الأدوات للعمليات الجراحية. وممايدل على انتشار الطب هو وجود سبع مواد على الأقل في شريعة حمورابي تتعلق بعمليات جراحية. . ويرى بعض الباحثين أن البابليين قد مارسوا العلاج النفسي أيضاً الذي يعتقد أنه من نتاج العصر الحديث.
واهتم البابليون بالرياضيات وقد عثر على آلاف الرقم والألواح التي تضم أعداداً رتبت بطرق مختلفة وعمليات طرح وجمع ومسائل حسابية تتعلق بالعمارة ومساحة الأرض والسقي. كما عثر على ألواح كثيرة تحوي تمارين رياضية بعضها مع حلول لها والبعض الآخر بدون ذلك وبعض هذه التمارين بمستوى متقدم. وإن ماوصلنا منهم من قضايا رياضية يؤكد قدرتهم النظرية التي قلَّ أن وجد مثلها قبل العصر الكلاسيكي(8). وكان تصنيع المعادن شائعاً وأعطوا لمن يمتهن ذلك إسماً عاماً يدل على اختصاصه وهو (نفاخو) (بالأرامية نفاخا وبالعربية نفاخ). ثم خصصوا ذلك بإضافة اسم المعدن اليه فسمي الحداد (نفاخ فرزيلو) والذي يعمل بالذهب )نفاخ خورصي). (ومن هذه الكلمة أخذت الكلمة اليونانية خروسس للذهب). ويقول جورج روكس في كتابه العراق القديم ((ليس من شك في إن البابليين (والآشوريين) كانوا يعرفون أكثر مما عثر عليه في كتاباتهم فنقل الصخور الهائلة ونصبها مثلاً أو إنشاء ممرات مائية طويلة يدل على معرفة متقدمة بقوانين الفيزياء. وكذلك معرفتهم ببعض مبادئ الكيمياء التي كانت قد طبقت بشكل ناجح في الأدوية والأصباغ وعمل الزجاج الملون وتزيين الآجر بالمينا))(9).
واهتموا كذلك بعلم الفلك وكانوا يراقبون القمر والشمس والنجوم بشكل دقيق وكانوا يقومون بهذه المراقبة من على المعابد الدينية وأبراج خاصة في بعض المدن. كما  تنبأوا بخسوف القمر وكسوف الشمس وراقبوا الرياح والسحب أيضاً. وفي ضوء علم الفلك قسموا السنة إلى اثني عشر شهراً (ومازالت أسماء الأشهر البابلية تستعمل عند اليهود وكذلك النظام الشمسي - القمري). وقسموا الشهر إلى ثلاثين أو تسعة وعشرين يوماً وقسموا اليوم إلى أربع وعشرين ساعة والساعة إلى ستين دقيقة. وقد وردت أسماء علماء فلكيين في بعض الرسائل البابلية التي عثر عليها وسجل هؤلاء حالات كسوف وخسوف بشكل دقيق كما يقول بطليموس. وظل الناس يستفيدون من خبرة البابليين في هذا المجال بعد زوال دولتهم خاصة. إذ نقرأ أن نابو- ريماني (القرن الخامس ق.م) وكدينو والكاهن بل أشور(القرن الثالث ق.م) كانوا من العلماء الذين استفاد منهم الإغريق في علم الفلك وأطلقوا عليهم أسماء إغريقية. فالأول سمي نابوريانوس والثاني سديناس والثالث بيرسوس. ولذلك اختلط على بعض الباحثين أصلهم وظنوهم من الإغريق فنسبوهم إليهم خطاً ومن الضروري إعادة هويتهم إليهم. وعرف عن الكاهن بل أشور أنه كان  له حلقة دراسية يدرس فيه طلاباً في بلاد الإغريق بطلب منهم. وبل أشور هو نفسه الذي كتب تاريخاً باللغة اليونانية لموطنه بابل ولملوكها ولم يصل لنا من هذا الكتاب (مع الأسف) إلاّ أجزاء قليلة. ومما ذكره في هذا الكتاب أن نبوخذ نصر بنى الحدائق المعلقة لزوجته أميتس. وقد ذكر مؤرخون أن الإسكندر الأكبر كان معجباً بخبرة البابليين في علم الفلك وحكمتهم(10) ويرى بعض الباحثين أن تعاون علماء الفلك البابليين والإغريق قد ساهم في تطور هذا العلم إلى درجة لايمكن تجاهلها. كما إن بعض علماء الفلك من القرن السادس الميلادي قد اعتمدوا على ملاحظات البابليين في التنبؤ بكسوف الشمس. ومعروف أن رموز الأبراج المستعملة اليوم ترجع في أصلها إلى البابليين (وهناك لوح أثري من بابل في المتحف البريطاني يؤكد ذلك). وقد قيل إن شعب مابين النهرين قدم أعظم إنجازاته في حقل الرياضيات والفلك.
كما ابتكر البابليون الساعة الشمسية وقال المؤرخ هيردوتس (القرن الخامس قبل الميلاد) عن ذلك (إن علم المساحة والساعة الشمسية وتقسيم اليوم إلى اثنتي عشرة ساعة لم تأت من اليونان أو مصر ولكن من بابل). واهتم البابليون كذلك بالجغرافيا وقد عثر على نصوص تتضمن قوائم لأسماء البلدان والجبال والأنهار والمدن بل وحتى للمسافات بين المدن وهي قضية مفيدة جداً للمؤرخين في العصر الحديث. وقد عثر على بعض المخططات (وليست خرائط بالمعنى الحديث) لبعض المدن وقد اكتشف مخطط لمدينة نيبور كان قد وضعه البابليون لها  يتفق مع مااكتشفه الآثاريون لواقع هذه المدينة. بل عثر على خريطة للعالم كذلك تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد. وكتب على أقصى الشمال منها (الأرض التي لاترى فيها الشمس أبدا). كما اكتشفت نصوص تشير إلى اهتمامهم بالجغرافيا التاريخية من عصر مبكر.
واهتموا أيضا بالتاريخ فعدا عن تدوين ما أنجزه الملوك أثناء حكمهم وما كتب على الأبنية من معلومات تاريخية فقد عثر على قوائم تضم أسماء السلالات الملكية وأسماء الملوك وشخصيات معروفة وقوائم بأحداث متزامنة إلى جانب تسجيل الحملات العسكرية التي أفادت الباحثين كثيرا ليس في تأريخ الحدث حسب ولكن أيضا في معرفة أسماء الملوك والبلدان الأخرى. وكانت  قوائم الملوك تذكر أحياناً الأحداث المهمة لكل سنة في فترة حكم هؤلاء الملوك. ومن القوائم المفيدة التي اكتشفت قوائم بأسماء الآلهة. ومن الأمور المهمة التي عثر عليها قوائم طويلة بالطوالع (طوالع الخير والشر) يصل عددها إلى الآلاف. وكان لهذه الطوالع مختصون بها يدرسونها ويتدربون على معرفتها لفترة طويلة يسمى الواحد منهم (الرائي أو الناظر). وهي مفيدة جدا لدراسة العادات والتقاليد والمعتقدات للمجتمع البابلي. وقد تأثرت بعض الشعوب (بهذا العلم) (كما أطلق عليه بعض الباحثين) كالحثيين فجمعوا قوائم لها مماثلة أيضاً. واهتموا بالوثائق والحفاظ عليها والإعتناء بها فقد كانت بعض الرسائل المهمة والوثائق توضع في ظروف من الطين وتختم حتى لايعبث بها أو تقرأ من قبل أناس غير مخولين. وكانت تكتب بعض الكلمات على الظرف تشير إلى مابداخل الوثيقة أو الرسالة. وقد عثر على عدد كبير من هذه وهي مازالت مغلفة(11). ويبدو أن ختم الرسائل الشخصية بختم خاص من الحجر كان معروفا بين البابليين حتى ان هيرودتس ذكر أن كل بابلي كان له ختمه الخاص(12). كما ترك لنا البابليون تراثاً أدبياً مهماً شعراً ونثراً من أدب وحكمة وفكاهة وغيرهما ويأتي على رأس هذا الأدب قصة الخلق وعشتار في العالم السفلي وملحمة جلجامش. وهذه الملحمة هي واحدة من أهم الملاحم في العصور القديمة. وقد كان من إعجاب الشعوب الأخرى بها وتأثرهم بروعتها أنهم ترجموها إلى لغاتهم وقد عثر على ترجمتها إلى اللغة الحورية واللغة الحثية(13) وفي العصر الحديث ترجمت الملحمة إلى أكثر من لغة على رأسها الإنجليزية كما هو معروف.
وقد قيل عن البابليين انهم  فاقوا في العلوم معاصريهم من الشعوب الأخرى.
وقد أعجب الباحثون والآثاريون بدرجة حب البابليين للبحث الخالص وحبهم للإستكشاف والإستطلاع أما عن بابل في عصرها المتأخر فقد  وصفها المؤرخ  هيرودتس وصف معجب بها ومنبهر ببنائها وبتخطيطها وببواباتها فقال عنها (لا توجد مدينة تشبهها في روعتها في العالم الذي نعرفه). وكان أشهر هذه البوابات بوابة عشتار التي زينت واجهتها باللون الأزرق وزينت بعدد من التنانين (رمز للإله مردوخ) وكذلك بعدد من الثيران (رمز الإله أدد). وقدِ بلغ عدد هذه الرموز  575رمزاً (14). وكانت البوابة موصولة بشارع سماه الباحثون (طريق المواكب) وأطلق عليه البابليون إبور شابو (الطريق الذي لن يجتازه العدو). وتوجد بوابة عشتار اليوم في متحف برلين وهي تبهر الإنسان بشكلها وبنائها وروعة تصميمها. وذكر أن بابل ضمت أكثر من ألف معبد من مختلف المقاسات(15). وذكر بعض المؤرخين أن الإسكندر الأكبر (الذي كان في بلاد مابين النهرين ومات فيها) قد أبدى إعجابه بها وأراد أن يجعلها عاصمته العالمية بل ذكر بعض هؤلاء أنه جعلها فعلاً عاصمته واستقبل السفراء فيها(16).
الهوامش :
Roux, G.1980,Ancient Iraq,pp29-30(England) -1
von Soden,W., 1994,The Ancient Orient, pp149-50(Michigan)2-
Roux,G -3., المصدر أعلاهp76
Von -4  SodenW.,op.cit. p.106المصدر أعلاه
Saggs,H.W.1988,The Greatness that was Babylon p.389 (London)5-
Bottero,J.2001,Everyday Life in Ancient Mesopotamia,p.177(Edinburgh)6-
Roux,G -7.,op.cit المصدر أعلاه ص368
Ibid -8, pp.358-9 المصدر نفسه
Ibid -9, pp.360-1المصدر نفسه
Mackenzie,D -10.,n.d. Myths of Babylonia and Assyria,p497(London)
Von -11 Soden, W.,1994 - The Ancient Orient,p 139
Saggs -12, H.W. op.cit.p.434المصدر أعلاه
Bottero,J -13., op.cit p.234 المصدر أعلاه
Roux -14, Georegsالمصدر أعلاه, pp.392-3
15- المصدر نفسه ص 390
Mackanzie,D -16,,p المصدر أعلاه ص497
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برنامج طباعي للكتابة المسمارية

ان الكتابة المسمارية العراقية التي كُتِبَ بها كل التراث العراقي القديم، السومري والاكدي، وكذلك التراث السوري ـ الشامي القديم (بالاضافة الى كل التراث القديم لبلدان الشرق الاوسط، مثل ايران والاحواز وتركيا والخليج، باستثناء مصر)، وطيلة ثلاثة آلاف عام. وهذه الكتابة تدَّرَس خصوصاً في الجامعات العراقية والسورية، مع الكثير من جامعات العالم. إن هذه الكتابة المهمة وطنياً وعالمياً، ظلت محرومة من إمكانية الطباعة الرقمية (الكومبيوتر)!
لقد بادرت استاذة بلجيكية في جامعة بروكسل الحرة في مركز اللغات القديمة، إسمها (سيلفي فانسفرن ـ Sylvie Vanséveren) وأبدعت برنامج للكتابة في الحاسوب بالخط المسماري. وهذا البرنامج يمكن تسجيله مجاناً، في الرابط التالي :
وعنوان صفحتها الجامعية الرسمية على الرابط التالي :
كذلك يوجد برنامج (Cuneiform Software) ندخل فيه الكتابة المسمارية التي تخص السومرية لاجل ترجمتها للانكليزية :

الابجدية التركمانية

ملـف اللغة التركمانية

- تركمان العراق تاريخاً ولغة
- من تراث التركمان الحضاري في العراق نجاة كوثر اوغلو
- معلومات لغوية وأدبية عن التركمانية سلوى البياتي
- ملحق حواري/ اشكالية العلاقة بين التركمانية والتركية:

ـ مجلة (يورد ـ الوطن) في حوار جماعي جلال بولات
ـ بين التركمانية والتركية عوني عمر لطفي
ـ التركمانية والتركية حبيب الهرمزي

تركمان العراق تاريخاً ولغة
.
خارطة انتشار التركمان، وهي المناطق شبه الجبلية في شمال العراق، إبتداءاً من ديالى ومروراً بتكريت  (طوز خورماتو) ثم كركوك حتى تلعفر في نينوى، بالاضافة الى (بغداد). وتتراوح التقديرات غير الرسمية بأن نسبة التركمان بما فيهم المستعربين، تبلغ حوالي 7% من سكان العراق
اللغة التركمانية، هي لغة تركمان العراق. وهم من الجماعات التي تعود بأصولها القديمة الى آسيا الوسطى الناطقة بالتركستانية والتي تتكون من الجمهوريات السوفياتية السابقة مثل (أوزبكستان وقرغيزستان وكازخستان وطاجكستان وتركمانستان). وقد ارتبطت منطقة آسيا الوسطى بعلاقات تاريخية قديمة مع منطقة المشرق وبالذات مع العراق.
يتوجب التنويه الى اننا نستخدم تسمية (تركستان) للحديث عن جميع الشعوب الناطقة بهذه اللغات (التركستانية). تمييزاً عن تسمية (أتراك وتركي) التي تعني حصراً (دولة تركيا الحديثة). ويبدو ان هذا التمييز بين المفردتين موجود حتى في اللغة التركية نفسها، حيث يقال (Turcica) بمعنى (تركستاني) و(Turkish) بمعنى (تركي).
تاريخ تركمان العراق
يبدو ان العراقيين منذ القدم اتجهوا بهجراتهم التجارية والتبشيرية نحو الشرق الآسيوي إبتداءاً من ايران ثم آسيا الوسطى حتى الهند والصين. والذي عمق هذا التقارب بين العراقيين والتركستانيين، ان الاثنين قد خضعا خلال قرون للامبراطورية الايرانية الساسانية قبل الاسلام، وان الكثير من أفراد الجيش الساساني المقيمين في العراق كانوا من أصول تركستانية. ثم أن المبشّرين المسيحيين النساطرة والمانوية العراقيين قد ركّزوا نشاطاتهم التبشيرية في مناطق تركستان حتى انتشرت بين تلك القبائل الديانتين (النسطورية والمانوية) بلغتهما السريانية العراقية. وتعتبر الابجدية السريانية أول أبجدية تركستانية(الاوغورية).
ان الحضور التركماني الحقيقي الذي دونه التاريخ يعود الى أوائل الفتح العربي الاسلامي. ان معظم أفراد الجيش الاسلامي بقيادة (عبيد الله بن زياد) عام (54هـ) الذي فتح تركستان كانوا من المحاربين العراقيين، الذين استقروا هناك وتزاوجوا مع التركستان. ولم يكتف العراقيون بالاستقرار والتزاوج مع الترك بل انهم بعثوا بالمقاتلين الترك ليستقروا بدورهم في العراق. يقول الطبري في صفحة 221 الجزء الرابع من كتابه الشهير (تاريخ الأمم والملوك ): ((إن عبيدالله بن زياد قام في شهر ربيع الأول سنة 54 هـ (673م) بهجماته عبر (جيحون) على (بخارى) ثم على (بيكند) فقاومه الجيش التركي تحت إمرة الملكة (قبج خاتون) مقاومة شديدة جداً، جلبت انتباهه وإعجابه لما لمسه فيهم من شجاعة فائقة وحسن استعمال الأسلحة، فأختار منهم ألفي مقاتل يحسنون الرماية بالنشّاب فبعثهم الى العراق وأسكنهم البصرة)). وطبعاً فإن هؤلاء من التركمان قد انصهروا مع العراقيين واستعربوا مثل الآلاف المؤلفة من المهاجرين من مختلف البلدان.
وخلال أقل من قرن تنامى هذا الوجود التركماني في العراق بحيث أنهم أصبحوا جزءاً من الجيش الأموي المقيم، كما يذكر الطبري في الجزء التاسع من كتابه المذكور، الصفحة144 : (( انه عندما استسلم يزيد بن هبيرة بمدينة (واسط) إلى أبي جعفر المنصور سنة 132 هـ بعد حصار دام عدة أشهر، كان معه ألفان وثلاثمائة رجل من الأتراك البخاريين (نسبة إلى بخارى) كما يؤيد هذه الواقعة العديد من المؤرخين ومنهم الهمداني والبلاذري.
بلغ الحضور التركماني ذروته في العصر العباسي حيث بدأ الضعف ينتشر بين القبائل العربية المهيمنة وفقدانها لروحها البدوية المحاربة بعد استقرارها في العراق وتمتعها بحياة الخصب والرفاهية. وقد وجد القادة العباسيون في الترك البديل المطلوب لاحتفاظهم بروحهم الرعوية المحاربة، وخصوصاً في مواجهة خطر الجماعات الرعوية الاوربية القادمة بأسم الحروب الصليبية. وقام الخليفة العباسي (المعتصم) بأستقدام أكثر من (50) محارب تركستاني من أخواله وبنى لهم مدينة (سامراء). وقد أشاد المفكر العراقي (الجاحظ) بروح الترك الفروسية وسجل مناقبهم. وقد برز الكثير من أعلام الحضارة العباسية من أصول تركستانية، مثل (الفارابي والبخاري والخوارزمي والبيروني والسرخسي) والعديد العديد غيرهم، من الذين للأسف احتسبهم المؤرخون القوميون ظلماً على (الايرانيين!!).
أما تسمية التركمان فأطلقت بعد اعتناق الأسلام، وقبل ذلك أطلق عليهم تسمية الأوغوز أو الغز أو الخوارزمية. واستمر الحضور التركماني مع بروز دور السلاجقة الذي أنقذ قائدهم طغرل بك سنة 1055 هجرية الخليفة العباسي القائم بأمر الله من الوقوع في أسر البويهيين. وقد تأسست خلال هذه الفترة والفترات اللاحقة عدة إمارات ودول تركمانية منها:
1- أمارة الأتابكة في الموصل (1127- 1233 م) أنشأها الأمير عماد الدين الزنكي، وضمت الموصل و سنجار، وجزيرة ابن عمر ونصيبين وحلب وماردين.
2- إمارة الأتابكة في أربيل (1144- 1233 م) أنشأها الأمير السلجوقي زين الدين علي كوجك عام 1144 م وضمت حكاري وسنجار وتكريت والعمادية وسنجار وحران.
3- الإمارة الإيواقية التركمانية في كركوك وكانت تضم السليمانية وسهل شهرزور ومن ملوكها قبجاق ارسلان طاش .
4- الدولة الجلائرية (1339- 1410 م)
5- الدولة السلجوقية (1055- 1157 م )
6- دولة (قره قويونلو) الخروف الأسود (1411- 1468م)
7- دولة (أق قويونلو) الخروف الأبيض (1468- 1508م).
أما اثناء الحقبة العثمانية فانها لم تشهد نزوح أية مجاميع تركية للعراق، بل ان الحضور التركي كان على شكل أفراد وعوائل معظمها من أصول جورجية وبلقانية تسيطر على ادارة الولايات العراقية. رغم محاولة تقرب التركمان العراقيين من الدولة العثمانية، فأنهم أبداً لم يعتبروا يوماً كعناصر تركية عثمانية بل ظلوا يعاملون كعراقيين (غرباء) عن الطبقة الحاكمة. والذي زاد من الشقة بين تركمان العراق والطبقة العثمانية ان الكثير من التركمان تبعوا المذهب الشيعي السائد في العراق والمختلف عن المذهب السني السائد في الدولة العثمانية.
لغتهم

مجموعة شعرية تركمانية حديثة

التركمانية هي لغة (أو لهجة) مستقلة قائمة بحد ذاتها من حيث البنى اللغوية والادبية، وهي أقرب الى اللغة الاذربيجانية منه الى اللغة التركية الحديثة. وهي تنتمي الى مجموعة اللغات (التركية، الالطية) التي هي عائلة لغوية مكونة من أكثر من 20 لغة يتحدثها حوالي 135 مليون نسمة من دول البلقان إلى وسط سيبيريا. اللغات التركستانية مقسمة إلى أربع مجموعات :
· المجموعة الجنوبية الشرقية أو الأويغورية: وهي اللغة الأويغورية المستخدمة بشكل رئيسي في شينجيانغ بالصين؛ واللغة الأوزبكية المستخدمة بشكل رئيسي في أوزبكستان، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى، وشمال أفغانستان.
· المجموعة الجنوبية الغربية أو الغزية: تتضمن لغة تركمان العراق، واللغة التركية (في تركيا)؛ اللغة الأذرية (آذربیجان) المستخدمة في آذربيجان وشمال غرب إيران؛ اللغة التترية القرمية المستخدمة في أوكرانيا وأوزبكستان؛ اللغة التركمانية المستخدمة في توركمنستان وشمال إيران، وشمال أفغانستان.
· المجموعة الشمالية الغربية أو الكبشاكية تتضمن اللغة الكازاخية المستخدمة في كازاخستان، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى، وغرب الصين، ومنغوليا؛ اللغة القرغيزية المستخدمة في قرغيزستان، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى، وغرب الصين؛ اللغة التترية؛ اللغة الباشكيرية المستخدمة في باشكورتوستان ولغة قرشاي بلقار اللغة القومكية المناطق القفقاسية التابعة لروسيا؛ ولغة كارايم التي يتحدثها البعض في ليتوانيا وأجزاء من جنوب غرب أوكرانيا.
· المجموعة الشمالية الشرقية أو الألطية تشمل اللغات واللهجات المستخدمة في سيبيريا شمال شرق نهر إرتيش وفي الأجزاء المجاورة من منغوليا التي تتضمن ذلك الألطية، والخقاسية، والشورية، والتوفانية؛ ولغة ساخا المستخدمة في جمهورية ساخا (ياقوتيا) الروسية والمناطق المجاورة. تعد اللغة التشوفاشية مميزة من بين كل اللغات الأخرى، وتستخدم في جمهورية تشوفاشيا الروسية والمناطق المجاورة.
تطورت الكتابة التركستانية الاولى عبر التاريخ من الصور والنقوش التعبيرية في عصور قبل الميلاد الى الكتابة الصغدية بين بخارى وسمرقند في القرن الاول ق.م  فالاورخونية (أبجدية كورك تورك) في النصف الاول من القرن الثامن الميلادي، فالاويغورية في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي، فالنسطورية (السريانية) عن طريق المبشرين المسيحيين العراقيين في القرن التاسع الميلادي، ثم العربية بعد القرن العاشر الميلادي. قبل الأسلام تواجدت لهجتان شائعتان في اللغة التركستانية: كورك تورك والأويغور، وبعد الأسلام تعددت اللهجات وأصبحت لغات.


تعود جذور اللغات التركستانية الرسمية السائدة حالياً، الى القرن الثالث عشر ميلادي الى الشاعر علي (1235م). وراحت تستقل منذ ذلك الحين شيئاً فشيئاً وتكتسب ملامحها وخصوصيتها ويتكلم بها تركمان العراق وسوريا وايران والأردن وتركية وتركمانستان وأفغانستان وأوزبكستان.
ان أقدم مصدر تاريخي سجل لنا كلام تركمان العراق وعموم التركستان، هو ديوان (لغات الترك) للاديب (محمود الكاشغري) الذي عاش في بغداد والذي ألفَّه سنة 466هجرية / 1074 ميلادية وقدَّمَه إلى (الخليفة المقتدي بأمرالله)، ليكون مصدراً لتعلم التركية والتفاهم بها، بناءً على الحاجة إليها لكثرة الاتراك في العراق وعموم الامبراطورية العباسية. وقد اعتمد فيه على الكلام التركي الدارج والسائد في تلك الفترة. وسجل فيه بحثاً مهماً عن اللغات التركستانية يعتبر متقدماً بالنسبة لعصره..
يتكلم تركمان العراق التركمانية التي تحتل موقعاً وسطياً بين العثمانية والآذرية والتي استخدمها الشاعر (نسيمي البغدادي) في القرن الرابع عشر الميلادي. وتختلف التركمانية العراقية في لهجاتها، حيث تعتبر لهجة كركوك أنقى اللهجات فأصبحت لغة الأدب والثقافة التركمانية.

التركمانية والتركية

ربما يمكن المقارنة بين التركمانية والتركية، مثل اللهجة العراقية واللغة العربية الفصحى. رغم ان التركمانية والتركية متقاربتين جداً، إلاّ أن الفروق الجغرافية والتاريخية بين أتراك وتركمان العراق، عمَّقت هذه الفروق من كل النواحي: عدد الاحرف وتصريف الافعال والمفردات والالفاظ. ثم أضيف فرقاً كبيراً عندما تخلى الاتراك عن الكتابة العربية وتبنيهم الكتابة اللاتينية عام1928. حيث استمر تركمان العراق وايغور الصين يستخدمون الابجدية العربية بينما آثر تركمان اذربيجان استخدام السريلية منذ أعوام (1937-1938). لكن بعد انتفاضة آذار عام 1991 توسع التعليم بالأحرف اللاتينية في المدارس التركمانية في أربيل خصوصاً، وتعمق الاتجاه الداعي الى تبَّني اللغة التركية مع أبجديتها اللاتينية، واعتبارها هي اللغة الفصحى بدلا من التركمانية. لكن هذه الاشكالية الكبيرة لم تحسم ولا زال الجدل فيها محتدماً بين الداعين والرافضين، كما سنبين ذلك في آخر هذا الفصل.
المصادر
ـ لمزيد من التفاصيل عن تاريخ التركمان / راجع الفصل الثالث من كتابنا (جدل الهويات).
ـ تاريخ الاتراك والتركمان / اسامة تركماني / دار الارشاد / دمشق .2007
ـ اوميد جرجيس علي/ نظرة الى التركمان في العراق / بارش / العدد الثاني / 2000/ ص25 .
ـ التركمان في العراق / ابراهيم الداقوقي / الدار العربية / بيروت .2006
ـBacon, Elizabeth E. Central Asians Under Russian Rule: A Study in CultureChange, Cornell University Press (1980(.
ـHistoire de la Turquie, de l'Altaï à l'Europe, Ibrahim Tabet, éditions L'Archipel.



من تراث التركمان الحضاري في العراق

نجاة كوثر اوغلو

حكم التركمان في العراق حقبة من الزمن، والمعروف لدينا انهم أسسوا أشهر وأكبر ست دول بمرتبة الامبراطورية في العراق. وهي الدولة السلجوقية والايلخانية والقره قوينلويه والاق قوينلويه والجلائريه والصفويين .
وقد شهدت البلاد في تلك الحقبة من الزمن، الكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية، كما ترك التركمان آثاراً علمية ومعمارية وفنية، تعتبر خير تراث لهم في العراق .

الآثار العلمية
نشطت الحركة الفكرية، وراجت الثقافة التركمانية في العصر السلجوقي، حيث ضجَّ بلاط السلاجقة وغيرهم من حكام الدول بالعلماء والأدباء وظهرت الكثير من الطرق إلى إيجاد نهضة علمية وفكرية جعلت المسلمين في عهد التركمان يأخذون بحظ وافر من العلوم المختلفة في علم التفسير وعلم القراءات وعلم الحديث والفقه وعلم الكلام والنحو واللغة والبيان والآداب، والعلوم العقلية وتشمل الفلسفة والهندسة وعلم النجوم والموسيقى والطب والكيمياء والرياضيات والتاريخ والجغرافية .
لقد اهتم حكام التركمان بتشييد المدارس وأدت تلك المدارس رسالتها العلمية والأدبية على ما يرام. وأثَّرَت تأثيراً كبيراً في ازدهار العلوم والآداب، وعملت على خلق حركة ثقافية واسعة في العراق. وكانت المدارس عادة تبنى إما بصورة مستقله أو جزءً ملحقاً بالجامع أو المسجد. أما تسمياتها فكانت تسمى بأسم بانيها أو بأسم أحد الأساتذة المشاهير الذين يدرسون فيها. ومخطط المدرسة عادة يكون بشكل مستطيل أو مربع ومن أبرز مكوناتها المعمارية هو مسجد المدرسة ذو الواجهة الثلاثية العقود، والإيوان وبوابة المدخل الضخمة. ومن الصفات والتطورات النوعية في هذه العهود هو وجود مئذنة أو أكثر تحت بوابة المدخل التي ركن عليها المعمار كثيراً لأجل إبرازها بشكل ضخم ومتين ومتناسق في الوقت نفسه. وتتميز أيضاً بقاعاتها وغرفها المتنوعة الأحجام وكذلك وجود حجر(غرف) صغيره في طابقي المدرسة لنوم الطلاب المقيمين فيها.  وكانت المدرسة عادة يخصص لها وقف يتكون من مختلف صنوف الأملاك ليدّر على المدرسة مالاً ليسد حاجات أساتذتها وطلابها من رواتب وطعام وكسوة وكتب.
وفي عهد التركمان ولأول مرة في العراق ظهر في الاسلام من المؤسسات العلمية بمعناها الصحيح والشمولي. فالتدريس في هذه المدارس اتخذ نظاماً بديعاً، فأصبح لكل موضوع مدّرس مختص، حيث هيأت لطلابها أسباب العيش، وأصبحت مثالاً كما قام بعدها من دور العلم ومراكز الثقافة العالية. وخير مثال على ذلك :
- المدرسة النظامية :
أنشأها نظام الملك الوزير السلجوقي في بغداد. وفتحت للتدريس سنة 459 هـ / 1066 م للفقهاء الشافعية. وقد أنفق على بنائها مئتي الف دينار(1). وكتب عليها اسمه وبنى حولها أسواقاً تكون محبساً عليها، وابتاع طباعاً وحمامات ومخازن ودكاكين أوقفها عليها(2). وتعتبر هذه المدرسة بداية التنظيم المدرسي والجامعي في الإسلام، فالتنظيمات المنهجية والتدريسية التي انتظمت في هذه المدرسة كان لها أثراً حضارياً كبيراً في الحياة العقلية الإسلامية، والتنظيم التدريسي في هذه المدرسة اتخذ نظاماً بديعاً وكما قلنا أعلاه فأصبح لكل موضوع مدرس خاص، وقد هيأت لطلابها أسباب العيش ومساكن للطلاب .
درس في هذه المدرسة كبار العلماء والفقهاء، فأبو اسحق الشيرازي درس في المدرسة حوالي أربع سنوات. ويعتبر الإمام الغزالي من أكبر المدرسين نشاطاً في تأليف الكتب. ومن مؤلفاته المشهورة كتب (إحياء علوم الدين، وكيمياء السعادة، وتهافت الفلاسفة، والاقتصاد في الاعتقاد). وأبو بكر الشاسي ومجد الدين أبو طاهر بن محمد الشيرازي الفيروز آبادي المعيد بالمدرسة وصاحب قاموس المحيط والمتوفي سنة 817 هـ / 1414 م (3). وغيرهم من أعلام المدرسين.
وكانت الدراسة بالمدرسة النظامية تمتد قرابة أربع سنوات يدرس فيها الطالب الفقه وأصوله، وبعض العلوم المساعدة. وقد أصبحت هذه المدرسة قبلة أنظار طلبة العلم من مختلف أصناف العالم الإسلامي. فورد إليها الطلبة ودرسوا فيها ونهلوا من معين علمائها. حيث وصل المسلمون في عهد السلاجقة الى درجة عظيمة من التقدم في كثير من العلوم كالطب والفلسفة والكيمياء والفلك والرياضيات والجغرافية. فقد استفادوا من الترجمة والاقتباس من التراثين اليوناني والفارسي وهضموا ما فيهما، ثم اخذوا يستنبطون منهما ويضيفون عليهما فظهرت مآثر التركمان المسلمين في كثير من العلوم. وأخذ علماء التركمان في العصر السلجوقي وبعدها بكتابة مؤلفاتهم باللغتين العربية والفارسية، وسبب ذلك كون هاتين اللغتين آنذاك بمثابة اللغة العالمية مثلما اليوم الإنكليزية، وكانوا يتباهون بأنهم يتقنون هذه اللغات وبارعين في كتابتها ولذلك كثرت المؤلفات بهاتين اللغتين في العلوم المختلفة مما جعل الدارسين يلّمون بأطراف من مختلف العلوم والفنون في عصرهم ويحرصون على إظهار ذلك في كتاباتهم. وراجت هذه الظاهرة عند العلماء والكتاب والشعراء فأصبح دليلاً على مبلغ ما وصل إليه العلم من التقدم عند المسلمين عامة في العصر السلجوقي. وبعد سنة 817 هـ / 1414 م طمست أخبار استمرار الدراسة والتدريس في هذه المدرسة وانمحى ذلك المكان الذي يشع بأنوار العلم والمعرفة وكان ينبوعاً من ينابيع الثقافة الإسلامية .
- مدرسة أبي حنيفة :
ومن أوائل المدارس في عهد التركمان والتي احتلت مكانة بارزة في تاريخ الحركة العلمية في العراق مدرسة أبي حنيفة التي أنشأها أبوسعد ابن المستوفي بجوار مشهد أبي حنيفة وتم افتتاحها سنة 459 هـ / 1067م في عهد السلطان ألب ارسلان السلجوقي لأصحاب المذهب الحنفي. وكانت الهيئة الإدارية والتدريسية تتكون من مدرس للفقه واللغة وهو الذي يدير أوقافها ومن دونه معيدون وإداريون مساعدون. ثم إمام يقيم الصلوات، كما كانت لهذه المدرسة مكتبة خاصة لها يشرف عليها خازن. وبذلك فهي لا تختلف عن النظامية من حيث الإدارة والتنظيم.
وأول من عين للتدريس فيها أبو طاهر بن ناصر بن إبراهيم وهو من كبار الفقهاء درس على الصبري وأبي عبدالله الدمقافي. وقد بقي أبو طاهر الياس مدرساً فيها الى أن توفي، ممن عرفوا باتساع معارفهم الفقهية ومكانتهم البارزة منهم : اسماعيل بن عبدالرحمن اللمفاني، وضياءالدين التركستاني وغيرهم(4). وتعد هذه المدرسة أطول مدارس بغداد عمراً على الاطلاق. لأنها مازالت موجودة إلى يومنا هذا بالرغم من الظروف القاسية التي مرت بها بغداد. ولم تكن أقل شأناً من النظامية.

أبرز مدارس العراق التي أسست في عهد حكم التركمان في العراق
انتشرت في العراق مجموعة كبيرة من المدارس البارزة إضافة الى ما ذكرناه أعلاه وهي :
المدرسة النتشيه، بنيت بالقرب من السوق، ومن المرجح إنها مكان جامع الوزير الحالي ببغداد من قبل خمارتكين أحد مماليك الملك نتش.
وفي سنة 482 هـ / 1089 م بنيت المدرسة التاجية ــ من قبل تاج الملك أبو الغنائم وزير السلطان ملكشاه خاصة بالشافعية في.
وتأسست المدرسة البهائية في سنة 563 هـ / 1168 م في الجانب الشرقي من بغداد في الموضع المقابل لقهوة الشط، خاصة بالشافعية.
المدرسة الموفقية، تقع على دجلة، مكان مديرية الطابو العامة.
والمدرسة المغيشية – تقع بباب الازج (باب الشيخ الحالية).
وأنشئت المدرسة الثقثية في سنة 540 هـ / 1145 م من قبل ثقه الدولة أبو الحسن علي بن الانباري المتوفي في سنة 549 هـ / 1154 م وهو زوج فخر النساء شهدة الكاتبة، وخاصة بالشافعية.
ومدرسة الشيخ عبد القادر الكيلاني – انشأها بالاصل ابو سعد المخلرمى للفقهاء الحنابله، بباب الازج. وفوضت بعد وفاته الى الشيخ عبد القادر الكيلاني، وعمرت المدرسة ودفن الشيخ عبدالقادر في مدرسته سنة 561 هـ / 1165 م.
مدرسة ابن هبيرة، أنشأها الوزير يحيى بن محمد بن المظفر ابن هبيرة للحنابلة بباب البصرة في الغرب من بغداد سنة 557 هـ / 1161 م. وقد دفن ابن هبيرة في المدرسة سنة 560 هـ / 1164 م.
وفتحت مدرسة حمزة بن علي للتدريس في سنة 535 هـ / 1140 م والتي انشأها حمزة بن علي بن طلحة، أبو الفتوح وكان صاحب المخزن بباب العامة الى جانب داره، وأول من درس فيها أبو الحسن بن الخل.
ومدرسة ابن الجوزى – أنشأها أبو الفرج بن الجوزى، صاحب التصانيف العديدة ومن أشهرها المنتظم وصفوة الصفوة وتلبيس ابليس وغيرها من كتب التاريخ والفقه والتراجم. وكانت هذه المدرسة تقوم بدرب دينار في الجانب الشرقي من بغداد.
وأنشأت السيدة بنفشه زوجة الخليفة المستضئ مدرسة بأسمها. وكانت هذه المدرسة داراً لنظام الدين بن نصر. وسلمت السيدة بنفشه هذه المدرسة الى أبى الفرج بن الجوزى سنة 570 هـ / 1174 م. وجعلتها خاصة للفقهاء الحنابلة.
وقام الشيخ العابد أبو النجيب السهروردى عبدالقادر بن عبدالله بأنشاء مدرسة أبي النجيب السهروردى في الجانب الشرقي من بغداد ومكانها اليوم أمام نادي الضباط. وقد دفن الشيخ السهروردى في مدرسته سنة 563 هـ / 1167 م.
ومدرسة فخر الدولة – انشأها فخر الدولة سنة 568 هـ / 1173 م المظفر بن الحسن المتوفي سنة 578 هـ / 1182 م في الجانب الشرقي من بغداد.
ومدرسة ابن الابرادى – في الاصل كانت داراً لمحمد ابن احمد الابرادى في محلة البدوية ببغداد، أوقفها لتكون مدرسة للحنابلة .
ومن مدارس الموصل في العصر السلجوقي هي :-
المدرسة النظامية، أنشأها نظام الملك الوزير السلجوقي في الموصل سنة 459 هـ /1066 .
ومدرسة الاتابكية، أنشأها سيف الدين غازي بن عماد الدين زنكى بن أق سنقر بعد سنة 541 هـ / 1146 م وهذه المدرسة جعلها المؤسس وقفاً للفقهاء الشافعية والحنفية. ودفن في مدرسته عند وفاته سنة 576 هـ/ 1187 م.
وأنشأ زين الدين ابو الحسن علي بن بكتكين المتوفي سنة 563 هـ / 1167 م  المدرسة الكمالية في الموصل وتأسست سنة 535 هـ / 1140 م، وهو والد الملك المعظم مظفر الدين ابن سعيد كوكبورى صاحب اربل.
زين الدين، ومكانها اليوم في الموصل مكان جامع الشط. وبنيت المدرسة الزينية في الموصل من قبل زين الدين ابو الحسن علي بن بكتكين المتوفي 563 هـ / 1163 م، ومن أشهر مدرسي هذه المدرسة يونس بن منعه المتوفي سنة 576 هـ / 1180 م. ولا يعرف مكان المدرسة بسبب ضياع الكثير من الآثار وأخبارها.
وقام نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي ببناء مدرسة الجامع النوري المعروف بالجامع النوري، وقد حَوَت هذه المدرسة كتباً نفيسة كثيرة ولايزال الجامع النوري قائماً حتى يومنا هذا في الموصل.
والمدرسة الكمالية – وتعرف بالمدرسة الكمالية القضوية، أنشأها أبو الفضل محمد بن أبى محمد عبدالله بن ابى قاسم الشهرزوري المتوفي سنة 572 هـ / 1176 م. وكانت هذه المدرسة وقفاً على الفقهاء الشافعية، ولايعرف مكانها لضياع أثارها.
أما المدرسة العزية – انشأها عزالدين مسعود الاول بن قطب الدين مودود المتوفي سنة 589 هـ / 1193 م، وكانت وقفاً على الفقهاء الشافعية والحنفية. ومكان المدرسة في الوقت الحالي هو مقام الامام عبدالرحمن.
والمدرسة النورية – انشأها نورالدين ارسلان شاه بن عزالدين مسعود الاول المتوفي سنة 607 هـ / 1210م. وتعتبر هذه المدرسة من أحسن المدارس التي انشأت في الموصل. وهي خاصة بالشافعية، وقد انشأت في داخل الموصل مقابل دار المملكة، ويعتقد ان من بقايا المدرسة مشهد الامام محسن في الموصل.
وفي سنة 576 هـ / 1180 م انشأت المدرسة المجاهدية من قبل مجاهد الدين، أبو منصور قيماز، ويرجح انها كانت بالقرب من الجامع المجاهدي الذي انشأه المؤسس نفسه وهذه المدرسة وقفاً على الشافعية .
مدارس أربيل :-
لقد بدأ التعليم بصورة منتظمة في اربيل في عهد التركمان، فأول مدرسة هي تلك التي أنشأها أبو منصور سر فتكين نائب زين الدين علي في اربيل. ثم ازداد عدد المدارس فيها في حكم مظفرالدين كوكبورى حيث أصبحت اربيل مدينة علم وسياسة. وتخرج منها عدد من العلماء المشاهير(5).
وأهم مدارس اربيل في عهد التركمان (عصر الدولة الاتابكية) مدرسة القلعة، وقد انشأها الأمير أبو منصور سر فتكين الزيني الذي كان نائب عن زين الدين كوچوك في حكم اربل. وممن درس في هذه المدرسة أبو العباس الخضر الاربلى الشافعي، ولد سنة 478 هـ / 1094 وتوفي سنة 568 هـ / 1173 م وبعد وفاته تولى التدريس فيها ابن أخيه عزالدين أبو القاسم نصر بن عقيل بن نصر الذي ولد سنة 534 هـ / 1139 م ثم غضب عليه مظفر الدين فأخرجه منها فانتقل الى الموصل. وكان أبو العباس قد درس في بغداد ثم أتى الى اربل فبنى له سر فتكين حاكم اربل المدرسة المذكورة في القلعة سنة 533 هـ / 1138 م وقد ألَّفَ في الفقه والتفسير وتوفي في اربل سنة 567 هـ / 1172 م ودفن في مدرسته في القلعة.
مدرسة الملك مظفر الدين : بناها مظفر الدين كوكبورى حاكم اربيل ورتب فيها الفقهاء الشافعي والحنفي. وأشهر من تولى التدريس فيها الشيخ ابن جعفر محمد بن هبة الله المكرم بن عبدالله الصوفي. وكذلك والد ابن خلكان محمد بن ابراهيم بن أبي بكر بن خلكان .
أما المدارس التي أسست في عهد الايلخانيين. ومن أهمها حسب التسلسل الزمني : المدرسة العصمتية التي بنيت حوالي سنة 678 هـ / 1279 م، من قبل السيدة عصمت الدين في القسم الشرقي من بغداد. وقد دفنت فيها بعد وفاتها. وفي حوالي سنة 685 هـ / 1286 م قام محجد الدين بن الاثير ببناء مدرسة في بغداد ودفن فيها بعدما قتل في سنة 685 هـ / 1286 م. وكذلك بنيت بالقرب من ضفة دجله في محلة باب الازج (باب الشيخ حالياً) مدرسة من قبل بهاء الدين عبدالوهاب الذي توفي سنة 688 هـ / 1289 م ودفن فيها. وفي سنة 693 هـ / 1293 م بنيت مدرسة العلائية من قبل علاء الدين علي بن عبد المؤمن، وجعله مقابل مدرسة أبي النجيب السهروردي وبالقرب من الجسرالقديم في بغداد. وقد وصفها المؤرخ البغدادي ابن الفوطي بأنها كانت جميلة البناء شاهقة الارجاء. ومدرسة الغازانية نسبة الى السلطان غازان محمود من قبل الخواجه رشيد الدين بالقرب من باب الظفريه أو (باب الوسطاني). وأخيراً المدرسة الامامية البكرية (بناها امام الدين يحيى البكرى – صاحب ديوان بغداد) ودفن في الضريح الذي عمله في مدرسته المذكورة .
ولم يقتصر النشاط العلمي والفكري خلال هذه الفترة (فترة التركمان) على بغداد فقط. بل تعداها الى كل من الكوفة وكربلاء والنجف. حيث ينسب اليهم بناء المدرسة المسعوديه .
والمدرسة الاسماعلية التي أمر بانشائها الوزير البغدادي اسماعيل. والمدرسة الوقائية التي بنيت من قبل وفاء خاتون حوالي سنة 800 هـ / 1400 م حيث ازدهرت بفنون وتقنيات الزخرفة والتزويق والخط .
هذه أهم المدارس ودور العلم التي انشئت لأول مرة في تاريخ العراق من قبل حكام الدول التركمانية التي حكمت العراق منذ تأسيس الدولة السلجوقية سنة 429 هـ / 1137 م حتى نهاية الدولة الاق قوينلوية سنة 918 هـ / 1508 م.

مكتبات بغداد في عصر الدول التركمانية
اهتم السلاطين والوزراء التركمان وأهل الصلاح، بألحاق خزانة الكتب بالمدارس الدينية والتكايا والجوامع وبعض المساجد لينهل منها طلبة العلم والمدرسون. وأولوا الاهتمامات الثقافية عامة. ورغم حرص أولئك الواقفين على سن القواعد الخاصة بحفظ الكتب والعناية بها في وقفياتهم، إلاّ أن انعدام وجود اشراف رسمي حقيقي على شؤون المكتبات جعل أمر تلك المكتبات ومصيرها رهين جهود فردية، وإن كان يعزى لها الفضل في حماية المتوفر من الكتب ومعظمها من المخطوطات، وأنشأت في بغداد عدداً كبيراً من المكتبات في هذا العصر. وأهمها هي :
خزانة الكتب في المدرسة النظامية – ملحقة بالمدرسة النظامية التي انشأها الوزير نظام الملك في بغداد سنة 459 هـ / 1066 م وذكر ان عدد مجلداتها ستة آلاف مجلد .
خزانة كتب مدرسة أبي حنيفة – ملحقة بالمدرسة التي أنشأها أبو سعد مستوفي المملكة للفقهاء الحنفية.
خزانة كتب الكندرى – أنشأها الوزير السلجوقي عميد الملك أبو نصر محمد الكندري وكان وزيراً لطغرل بك ومن بعده لألب ارسلان. وقد استحوذ على كثير من كتب خزانة أردشير الوزير التي احترقت ونهبت معظم كتبها، وكانت خزانة اردشير من أعظم الخزائن في بغداد عرفت بدار العلم والتي كانت في الكرخ بين السورين. ومن أشهر روادها الشاعر ابو العلاء المعري المتوفي سنة 429 هـ / 1057 م .
وخزانة الخطيب البغدادي – أنشأها الحافظ  أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، من علماء بغداد وله المصنعات العديدة والتي أشهرها تاريخ بغداد في أربعة عشر مجلداً، وتوفي الخطيب سنة 463 هـ / 1084 م وكان له كتب نفيسة وقفها على المسلمين(6).
الخدمات الصحية في عصر الدول التركمانية :
لقد كانت حالة البلاد وخصوصاً مدنها الكبرى سيئة جداً وذلك لانعدام أبسط أنواع الخدمات والمرافق، وارتفعت نسبة الوفيات لانعدام الوقاية الصحية وانعدام الرعاية الطبية والمرافق والخدمات التي تتطلبها، لذا اهتم حكام الدول التركمانية التي حكمت في العراق وبالاخص سلاطين السلاجقة بتقديم خدمات صحية للبلاد، لذا تم تأسيس المارستانات (المستشفيات) في بغداد والموصل والبصرة وقدموا الخدمات الصحية للناس وأهمها :
1- بيلمارستان العضدي ببغداد(7) .
2- المارستان التتشي ببغداد بناه مملوك للملك تتش بن الب ارسلان يدعى (خمار تكين) وتقع بباب الازج وكذلك شيد هذا المملوك سوقاً قرب المدرسة النظامية ومدرسة بالقرب منه يقال لها التتشية وقيل له بيمارستان التتشي فهو نسب السوق والمدرسة والبيمارستان لسيدة (تتش).
3- بيمارستان مجاهدالدين قيماز بالموصل(8) .
4- بيمارستان باتكين بالبصرة .
5- بيمارستان واسط .
6- بيمارستان السيدة .
7- بيمارستان المقتدري.
وهناك بيمارستانات (المستشفيات) مثل بيمارستان (أبي الحسن علي بن عيسى) بمحلة الحربية، وبيمارستان (بدر) بمحلة المخرم وبيمارستان (الامير يحكم) وبيمارستان (محمد بن علي بن خلف) ببغداد كلها كانت موجودة في العهد السلجوقي وكانوا يقدمون الخدمات الصحية للناس(9).
حاولنا في عرضنا لهذا الموضوع التاريخي استخلاص الحقائق في الفترة التي حكم فيها التركمان للعراق والممتدة من 447 هـ - 1337 هـ (10551918 م) فعرضنا الى النشاط الكبير الذي أبداه السلاطين والوزراء بأعمال عمرانية كثيرة في بغداد تجلت في أبنية المساجد والقصور والاربطة والمدارس والابواب والاسوار وقد حاولنا باختصار جمع الكثير من مظاهر الحضارة والعمران التي أنشئت من قبل الدول التركمانية السلجوقية والجلائرية والايلخانية والدول الاتابكية فقط. وانشاء الله وبعونه تعالى سوف نقوم في المستقبل القريب بعرض الآثار الحضارية والعمرانية التي قامت في العراق من قبل الدول العثمانية التي حكمت العراق من 941 هـ / 1337 هـ (1534م – 1918م) أكثر من ثلاثمائة عام.
وحاولنا في عرضنا هذا أيضاً أن نبين مدى اهتمام التركمان بوطنهم العراق منذ فجر التاريخ وليومنا هذا. وغايتهم العظمى هو الحرص على المصلحة العامة والعمل من أجل التماسك والوحدة والقوة والعناية بما فيه الخير للجميع .
ـــــــــــــــــــــــــــ
هذا الموضوع القيّم في أصله أكثر توسعاً في ايراد الانجازات الحضارية للدول التركمانية في العراق، وقد حذفنا منه    ذكرالانجازات التي لا تخص مباشرة الجانب الثقافي اللغوي الذي هو محور موضوعنا.
الهوامش
1- سعيد نقيب / المدرسة النظامية / بحث في مجلة المجمع العلمي العراقي / ص1954 .
2- الطرسوس / سراج الملوك / ص108 .
3- اللكندي الهندي/ الفوائد البهية في تراجم الخفيفة / ص230 .
4- الدكتور حسين امين / تاريخ العراق في العصر السلجوقي / ص277 .
5- اربيل في ادوارها التاريخية / زبير بلال اسماعيل .
6- ابن جبير / ص117/ والمنتظم ج7/ ص112 .
7- معجم البلدان / ص826 .
8- ابن كثير : البداية والنهاية حوادث سنة 572 هـ .
9- انظر د. حسين امين / تاريخ العراق في العصر السلجوقي / ملحق رقم (26) / ص401 .


معلومات لغوية وأدبية عن التركمانية

اعداد: سلوى البياتي

التركمانية لغة التصاقية، أي تضاف كلمة جديدة الى الكلمة السابقة من اجل ايجاد معنى وزمن جديد. بينما العربية مثلاً، تعتبر لغة اشتقاقية تصريفية، حيث يضاف حرف أو حروف قبل أو بعد من اجل تغيير المعنى والزمن.
بعض نماذج الصاق الكلمات من أجل تغيير معانيها
العربيـة
التركيـة
فعل (تعال)
gel
فعل (القدرة على المجيء)
gelebil
لا تأتي
gelme
عدم القدرة على المجيء
geleme
يبدو انه لا يستطيع ان يأتي
gelememiş
سوف يكون قادر على المجيء
gelebilecek
إذا كنت تستطيع المجيء
gelebilirsen
(الفعلية) واحد يأتي، عدة أشخاص يجيؤون
gelinir
الاحرف التركمانية
الأحرف التركمانية 30 حرف، تكتب تلك الحروف كما تلفظ.


مفردات تركستانية في العربية
بفضل الاسلام والتمازج التاريخي بين العرب والتركستان، حصل تمازج لغوي ايضا، فمثلا، قد بلغ عدد المفردات العربية المنتشرة في اللغة التركية49,7 %.
كذلك تأثرت اللغة العربية باللغات التركستانية، فأقتبس العرب منهم الألفاظ الكثيرة كمعربات لكلمات تركية وتركمانية ومغولية الأصل، مثل:
المعنـى العربـي
الكلمـة
السلطان
خاقان
الأمير
بيك
ضرائب مالية
طمغات
مربية
داية
اذن
دستور
استاذية
خواجكية
الغطاء
قبغ
قيد
كلبجة
من المعجنات
كليجة

بعض المفردات التركمانية ومقارنتها باللغات الاخرى

العربيـة
الفارسيـة
الكرديـة
التركيـة
التركمانية
الشاطر
زيرك
زيره ك
zeyrek
زيره ك
جبن
بنير
به نير
Penir
به نير
الشمعة
موم
موم
Mum
موم
الامضاء
امضا
ئيمزا
Imza
ئيمزا
العيب
عيب
ئايب
Ayip
عه يب
رز
برنج
برنج
Pirinc
بيرنج
الخرافة
خرافات
ئه فسانه
Efsane
ئه فيسانه
مهرب
قاجاق
قاجاخ
Kacak
كاجاك
نعل
نعل
نال
Nal
نال
حديقة
باغجه
باخجه
Bahce
باهجه
هدف
مقصد/ هدف
ئامانج
Amac
ئاماج
الحساب
حساب
حساب
Hesap
هه ساب
الحمام
حمام
حه مام
Hamam
هه مام
الحمال
بردار
حه مال
Hamal
هامال
هجرة
كوج
كوج
Goc
كويج
جاده
شه قام
جاده
Cadde
جاده
نصوص تركمانية
هذه النماذج هي بالتركمانية بالحروف العربية وبالحروف الجديدة – اللاتينية مع ترجمتها الى اللغة العربية، اختارها وترجمها الباحث (حبيب الهرمزي) :
أولا: نماذج من (القوريات) التركماني :
وهي عبارة عن رباعيات ذات سجع تنظم في مواضيع شتى مثل: الحب والغرام، الشكوى من الحبيبة، الشكوى من الأقدار وسوء الطالع، حكميات، مشاعر قومية. وهذه الرباعيات تغنى أيضاً على شكل أو وفق أصول المقامات التركمانية.
بغدادك يوللارندا
صو دوروب كوللرنده
بر جفت قولباغ اولايدم
يارمك قوللارندا
Bağdadın yollarında
Su durup göllerınde
Bir ğdtj kolbağ olaydım
Yarımın kollarında
وترجمتها بالعربية :
في طرق بغداد
وفي البحيرات الراكدة
ليتني كنت اسورتين
في ذراعي حبيبتي
* * *
صو سني
صو كوكرتمش سوسني
كيجمه نامرد كوبريسين
قوي ابارسين صو سني
Su senı
Su gügerdıp süsenı
Geçme namerd köprüsün
Koy aparsın su senı
وترجمتها بالعربية :
الماء يغمرك
الماء يجعل (السوسن) تنمو
لا تجتز معبر اللئيم
دع السيول تجرفك
* * *
نامرده مرد
كيم دييه ر نامرده مرد
اونداقيامت قوبار
باش اكه ر نامرده مرد
Namede merd
Kim diyer namerde merd
Onda kıyamat kopar
Baş eger namerde merd
وترجمتها بالعربية :
الأصيل للدنئ
من يقول للدنئ انه أصيل
ان القيامة ستقوم عندما
يحني الأصيل رأسه للدنئ
* * *
باغه دووار
جكميشلر باغه دووار
قاشوو باغ ، كوزوو باغوان
كيبريكيو باغا دووار
Bağa duvar
Çekmışler bağa duvar
Kaşıv bağ, gözıv bağvan
Kıprıgıv bağa duvar
وترجمتها بالعربية :
سور للبستان
احاطوا سورا للبستان
ان حاجبك بستان وعيناك حارس له
أما أهدابك فهي سور للبستان
ثانيا : أمثال شعبية تركمانية :
· ايبينمش ياغشتان قورخماز
İbinmiş yağıştan korkmaz
المبلل لا يخاف من المطر
· بارلى أغاجا داش اتاللار
Barlı ağaca daş atallar
الشجرة المثمرة هي التي ترمى بالاحجار
· ادام ادامدى أولمازسا دا بولو، أشه ك أشه كتى ايبكته ن أولسا جولو
Adam adamdı olmazsa da pulu, eşek eşektı ipekten olsa çulu
الرجل رجل وان كان لا يملك فلسا، والحمار حمار وان كانت بردعته من حرير
· أستارنا باخ اوزونى آل، ننه سنه باخ قزينى آل
Astarına bak üzünü al, nenesıne bak kızını al
انظر الى البطانة ثم اشتر الوجه، انظر الى الأم وتزوج بالبنت
ثالثا : نموذج من الشعر الشعبي التركماني (للشاعر الشعبي مصطفى كوك قايا) :
ده مير طاوندا كره ك        صيجاغ صيجاغ دوكه رك
دوز اكه رسه و نه جيخار            ايكيد اول سن شكر أك
أللرجين أياغ لازم             بنايجين داياغ لازم
نجه ياتانا قارشى             بير ده نه أوياغ لازم
ترجمته باللغة العربية:
الحديد يدق وهو حام               اذ تطرقه وهو ساخن
ان زرعت ملحا ماذا تحصل عليه   كن هماما وازرع سكرا
الأيدي تحتاج الى أرجل            البناية تحتاج الى أعمدة
مقابل عديد من النائمين            نحتاج الى واحد مستيقظ
رابعا : نموذج من الشعر الشعبي التركماني ( للشاعر الشعبي ناصح بزركان)
ننه دييه ر كي كوزوم              خراب انلاما سوزوم
أرواد واختو كالمييب               قوربانام سنا اوزوم
آل كتابو أليوه                       زهير قاتما باليوا
صون بشمانلغ أل ويرمز           عالم كولر حالوا
بكلمه بابا مالن                       آيليغيودان آل كلين
جوغلارن بو دوشونجه            قويبتى أياغ يالن
آج كوزلريو باخ أوكه              آديم آت اوكه اوكه
بو مللت سنى بكله ر                سن قالدير باشن كوكه
ترجمته باللغة العربية:
تقول الأم أي عيني الأثنتين        لا تفهم كلامي بشكل خاطئ
لم يحن وقت زواجك بعد           لكن انا فداء لك
خذ كتابك بيدك                       ولا تخلط سما في عسلك
الندم اخيرا لا ينفعك                 فالناس سيضحكون على حالك
لا تنتظر اموال والدك               تزوجك بمكسبك انت
كثيرون بهذا التفكير                أضحوا حفاة لا يملكون شيئا
افتح عينيك وانظر الى الأمام      تقدم وانت واثق من نفسك
ان هذا الشعب بانتظارك            فارفع رأسه عاليا
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

قائمة بكلمات / مصطلحات عربية ومقابلها بالتركمانية، وكيفية لفظ الكلمة بالحروف العربية
الملاحظات
الكلمة / المصطلح التركماني بالحرف العربي
الكلمة / المصطلح باللغة التركمانية
الكلمة / المصطلح
باللغة العربية
المصطلح الثاني هو المصطلح العام والاكثر شيوعآ
مَرهابا
Merhaba
مرحبآ
/
ناسِلسِن
نيجَسَن
Nasılsın
Nicesen
كيف حالك
الجيم تلفظ كالجيم المصرية (ﮔ)
جون ايدِن
Gün Aydın
صباح الخير
الجيم تلفظ كالجيم المصرية (ﮔ)
إيي جونلر
İyi Günler
نهارك سعيد
الجيم تلفظ كالجيم المصرية (ﮔ)
إيي اكشاملار
İyi Akşamlar
مساء الخير
الجيم الاولى تلفظ كالجيم المصرية (ﮔ)
إيي جَجَلار
İyi Geceler
ليلة سعيدة/ تصبح      على خير
كلمة Üzür في الاصل هي كلمة عذر العربية
ئوزور ديلَريم
Üzür Dilerim
أنا اسف / متأسف / أعتذر
الجيم في الكلمتين تلفظ كالجيم المصرية (ﮔ)
سايجي
سايجِلى
Saygı
Saygılı
إحترام
محترم
الفاء تلفظ كالحرف الانجليزي( v)
فاتانداش
Vatandaş
مواطن
كلمة (بَن) تعني أنا
بَن إراك فاتانداشِيم
Ben Irak Vatandaşıyım
أنا مواطن عراقي
الفاء تلفظ ( V ) والجيم تلفظ كالجيم المصرية (ﮔ)
سَفجي
Sevgi
المحبة
الجيمالاولى تلفظ هكذا (ﭼ)
جوجوك
أوشاك ـ أوشاغ
Çocuk
Uşak
طفل
كلا اللفظين صحيحين
كادِن/ قادِن
Kadın
إمرأة
تختلف في اللفظ عن كلمة هانم المصرية
هانِم
Hanım
سيدة
/
آدام
Adam
رجل
وهي بلفظ مخفف لكلمة بيك أو بيج في اللهجة العراقية
بَي / بَك
Bey/ Beg
سيد
/
أركاداش
Arkadaş
صديق
/
كومشو
كومشولار
Komşu
Komşular
جار
جيران
/
ئورَتمَن
مولليم
Öğretmen
Muallim
معلم
/
ئورانجي
تَلَبة
Öğrenci
Telebe
تلميذ/ طالب
/
ئوكول
مَكتب
Okul
Mekteb
مدرسة
/
هوشجه كالِن
Hoşçe Kalın
مع السلامة
القائمة أعلاه من اعداد (عبد السلام الملا ياسين)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ملحق حواري


اشكالية العلاقة بين التركمانية والتركية


ثمة اشكالية كبيرة مطروحة للجدل المحتدم بين المثقفين والمعنيين التركمان :
هل يجب الغاء التركمانية كلغة ثقافة وتعليم، باعتبارها لهجة شعبية، واحلال (التركية الحديثة ـ لغة دولة تركيا) باعتبارها هي اللغة الفصحى الرسمية؟
هذه الاشكالية غنية جداً وبحاجة أولاً أن توثق للتاريخ، وثانياً أن يطلّع عليها أوسع عدد من العراقيين والتركمان خصوصاً. إن التركمانية حتى لو كانت لهجة شعبية، فإنها تستحق أن تعامل كتراث شعبي يتوجب دراسته ونشره، يعني مثلما نتعامل منذ أجيال مع اللهجة العراقية (العربية) فهي حاضرة خصوصاً في الشعر الشعبي.
هذه بعض من الآراء حول هذه الاشكالية يطرحها مثقفون تركمان عراقيون.
ــــــــــــــــ

مجلة (يورد ـ الوطن) في حوار جماعي
جلال بولات
هذا الحوار الغني بين نخبة من المثقفين التركمان أجرته مجلة (يورد ـ الوطن/التركمانية (باللغة العربية) الصادرة في كركوك، في العدد (16) الصادر بتاريخ 2008/10/29، وبعنوان (ثقافتنا إلى أين). وقد أدار جلسة الحوار(جلال بولات) رئيس التحرير، وشارك فيه كل من:
نهاد نجيب آوجى - إعلامي / الشاعر رمزي جاووش / الكاتب نيازي أنور قاياجى / الكاتب زينل آغا آوجى / الشاعر متين عبدالله كركوكلو / الشاعر تحسين ياسين / الكاتب نبيل بكر / الشاعر جاسم محمد فرج / الكاتب د. سعد صلاح الدين / الكاتب أحمد ناظم داود.

رغم أهمية هذا الحوار وشموليته لغالبية هموم الثقافة التركمانية العراقية، إلاّ اننا نقتطع منه الاجزاء الخاصة بهذه الاشكالية (التركمانية والتركية):

· نيازي أنور قاياجى :
-وإن كنا قد ابتعدنا شيئا ما عن موضوع الجلسة وهو ثقافتنا إلى أين، إلاّ أن الحوار بدأ يتخذ طابعاً جميلاً وعميقاً في كل الطروحات.. تعقيباً لكل ما قيل وسبق من قبل الأخوة المحاورين أود هنا أن أقول إن المسألة ليست مسألة أحزاب ومسميات فئوية بل أن هنالك أجندة لا تريد أن تتطور الثقافة التركمانية ولا أن تسابق العصر. أنا جئت من أربيل طبعاً، وقد عشت تجربة أربيل. سأقدم لكم مثلاً عن هذه التجربة.. بعدما تم تثبيت منطقة (الملاذ الآمن) أي بعد 1992 الحكومة المحلية هناك أصدرت قانونين بخصوص التركمان، أولاً: قانون التربية والتعليم ومنحت التركمان حق الدراسة باللغة التركية (اللاتينية) وتم بموجب ذلك تأسيس مديرية عامة للدراسة التركمانية. ثانياً : قانون آخر هو الحقوق الثقافية وتم استحداث مديرية الثقافة التركمانية في بنية وزارة الثقافة .. الأجندة المعنية ذاتها أوعزت إلى التركمان بأن يذهبوا إلى مديرية التربية والدراسة التركمانية ورفضت أن يشتغلوا في مديرية الثقافة التركمانية ! طيب .. لماذا؟ قالوا نعم اذهبوا الى مديرية التربية لكي تفتحوا المدارس ولكن إياكم أن تعملوا في مجال الثقافة، ولا تتعاونوا مع الحكومة المحلية. انظروا هنا إلى الازدواجية .. الكيل بمكيالين .. مديرية التربية وكذلك مديرية الثقافة تابعتان لنفس الحكومة التي فصلوا لنا عدم التعاون معها. فما هي الحكمة يا ترى في الإصرار على أن يتعاونوا مع الحكومة المحلية في تأسيس مديرية الدراسات وأن يرفضوا التعاون معها بخصوص مديرية الثقافة!! والجواب هو أن نبقى بدون ثقافة. وفي حقيقة الأمر بقينا بدون ثقافة.
في أربيل وبعد (16) سنة من الدراسة باللغة التركية تخرجت من الجامعة دفعة أولى من الطلاب التركمان هذه السنة.. وبعد كل هذه السنوات الطوال من الدراسة لا يجد الطالب أي كتاب ثقافي ليقرأه وليست هنالك أية مجلة أو جريدة أو حتى كراس باللغة التركية. فما الذي عملناه طيلة هذه السنوات .. تصوروا طالباً يعرف الحروف الأبجدية التركية ولكنه محروم من الثقافة، لأنه لا يملك ولا مصدر واحد لكي ينمي معارفه. عندما يغلق هذا الطالب كتابه ويخرج من مدرسته لا يستطيع أن يقرأ أية يافطة وليست له أية مراجع. ماذا يعني هذا! أنا أفسره بأننا قد حكمنا على إنساننا بالموت، وبالفناء على وجودنا بالذات. ينبغي أن ننتبه لهذه المخاطر وإنها تتكرر في كركوك أيضاً. لماذا تدفعنا هذه الأجندة إلى هذه الزاوية المميتة ؟! علينا أن نبحث عن منافذ الخلاص، وأن نجد طريقنا الخاص بنا.. علينا أن نقاوم من أجل عدم السقوط في هذا المنحدر. وأنا أقول إنها نوايا الهدف منها إضعاف وجودنا تحت حجج وذرائع واهية.....
...... قلتم ثقافتنا إلى أين؟ نحن قوم حرمنا على مدى قرن بأكمله من التعلم بلغتنا الأم .. وهي إحدى أهم مشاكلنا الرئيسية.. ها.. نعم هنالك نوع من التعليم باللغة العربية وقد اكتسبنا الثقافة العربية إلى جانب ذلك، وورثنا كل السلبيات الموجودة فيها مرغمين .. وعلى سبيل المثال أن العراقيين قاطبة ورثوا من هذه الثقافة رأيها المعادي للعثمانية، وهذا الرأي جاء مع أجندة معينة خططت لتلهب روح القومية العربية لإنهاء وجود هذه الدولة. هنا شرط أساسي هو العودة إلى التعلم بلغة الأم .. أورد هذا المثل عن المرحوم عبداللطيف بندر أوغلو .. ففي مقابلة تلفزيونية في أذربيجان يسألونه فيقول أن الآلام هي التي تدفعني إلى كتابة الشعر فيسأله المذيع ما هو ذلك الألم الذي يدفعك إلى كتابة الشعر، فيقول : أشد الآلام التي تدفعني إلى ذلك هو عدم نيل فرصتي في التعلم بلغتي الأم. هذه ليست آلام بندر أوغلو وحده، إنها آلام مجتمع بأكمله.
إذا أردنا أن نؤسس ثقافتنا بشكل حضاري فعلينا أن نولي هذا الجانب كل اهتمامنا. لا أن نكتفي بالدراسة المقررة وحسب بل يجب أن ندعم ذلك بمصادر تتيح للطلاب التعرف على الثقافة الإنسانية برمتها.. دراستنا في أربيل هي بالتركية اللاتينية منذ 1992 وقد ثبت ذلك في الدستور.. طيب هذا برأيي يحل الكثير من العقد الإملائية.. ولكننا لم نفكر أن نحوّل المراجع (وهي كثيرة) المكتوبة بالحروف القديمة لكي يطلع عليها الجيل الجديد. وكما أسلفت أن الطالب الذي درس الألف باء في سنة 92 تخرج من الجامعة هذه السنة فهل استطاع أن يدخل إلى الثقافة بلغته الأم .. وأين هي؟ تلك هي المسألة .. واجبنا جميعا هو إيجاد مشاريع استثمارية تنصب في هذا الجانب. أسوق هنا رأي ربما الكثير منكم سيعارضونني في ذلك وهو : من الذي اشترط علينا أن تكون لغتنا الأدبية (تركية) اسطنبولية بحتة؟ هذه تشكل ضربة قاصمة للمجتمع التركماني من الناحية الثقافية. أسأل : من في بيته، أخته أو أمه ماذا تفهم من نشرة الأخبار الاسطنبولية؟ هذا هو مربط الفرس، فلا يتطور وعينا السياسي كمجتمع! يجب أن نعالج هذه الإشكالية وهي إحدى أهم إشكاليات ثقافتنا..
·  جلال بولات :
- اسمح لي بأن أورد هنا مثالاً حياً وهو أن الحكومة الأذربيجانية قد أصدرت مرسوماً جمهورياً بصدد إحدى المسلسلات التركية، وأكد المرسوم بأن اللهجة التركية الاسطنبولية تلغي خصوصية لهجتهم لذلك قرروا تأجيل بث المسلسل لحين دبلجته إلى لهجتهم. هذا تأكيد للخصوصية .. سألني أحد الأصدقاء عن مقال سبق وأن نشر على صفحات مجلة يورد لأحد كتابنا الأفاضل وهو الأستاذ عباس شكرجى. وكان المقال بعنوان التركية أم التركمانية ؟ هذا موضوع حساس للغاية ويجب دراسته بكل عقلانية وبشكل أكاديمي .
·  متين عبدالله كركوكلو :
- أتساءل لماذا يفهم الأخ العربي من (الحويجة) نشرة الأخبار المقدمة باللغة العربية، وكذا المغربي الذي تختلف لهجته كثيراً عن صاحبنا من أهل الحويجة؟ فهل تريد منا أن نقدم نشرة الأخبار بلهجة المصلى أم بلهجة الطوز .. مثلاً ..
·  نيازي أنور قاياجى :
- لدي جواب على هذا .. اسمحوا لي .. أنا في البيت أتابع الأخبار من قناة (TRT) وتقول زوجتي أنني أفهم هذه النشرة جيداً، وأزيدكم علماً أنها لم تصب حظها من التعليم باللغة الأم. تقول أفهم النشرة هناك، في حين أنني لا أفهم نشرة الأخبار التي تقدم من الفضائية التركمانية..
· نهاد نجيب آوجى :
- أنا أيضاً ثقافتي العربية طاغية على ثقافتي باللغة التركية، أورد لكم هذا المثل .. في ذات مرة زرت الأستاذ عطا ترزي باشى في منزله فقال لي يا نهاد : أنا لا أفهم نشرة الأخبار المقدمة من تلفزيونكم وإنني أنتظر الأخبار بالعربية لكي أفهم ما سبق أن قاله المذيع باللغة التركية.
·  جلال بولات :
- يبدو أن الأستاذ متين لم يقتنع بعد، وبرأيي أن هذا الموضوع يمكن أن يكون محوراً لجلسة حوارية في المستقبل ..
· نيازي أنور قاياجى :
- هنا مسألة الأبجدية قد حلت أما مسائل الخصوصيات لم ولن تحل ! أنا أقول إن كان المواطن الذي يعيش في اسطنبول له الحق في أن يكتب الشعر مستخدماً نكهته في اللغة، فأنا أيضاً لي الحق أن أتمكن من كتابة (آيهاوار دكيرمانجى) بخصوصيتي دون أن يغيبها أحد. حروف القاف والخاء والهاء و .. و .. إلخ
· جلال بولات :
- أظن أن اللغة الأذربيجانية قد تطورت على مر العصور بشكل مستقل عن التركية، وفي العصر الحديث تمكنت اللهجة أو اللغة الأذربيجانية أن تلبي حاجة المجتمع وصارت لغة الدراسة العلمية والأكاديمية، فعندما يكتب د. غضنفر باشاييف دراساته يكتبها باللغة الأذربيجانية وليس التركية كما يكتبها فلان مثلا.. ونحن نقول إن كان ولابد فإننا يجب أن نهتم بخصوصيتنا لأنها هويتنا، فيقال لكل رجل طريقة لشرب اللبن (هذا مثل شعبي) وإن كنا نريد أن يكون فينا (خير) سنتمكن من رفع لغتنا لتكون على مستوى أكاديمي مرموق. هذا إذا كنا نريد ذلك ! وهذا يتحقق عن طريق تأسيس مجمع علمي لغوي .. المشروع الذي كتبنا عنه مراراً وتكراراً على صفحات مجلة (يورد).. وإذا ألقينا نظرة إلى آخر قاموس صادر عن المجمع اللغوي التركي وجدناه في 4 أجزاء ومليء بالكلمات الدخيلة الأوربية ..
·  جاسم فرج :
- أود أن أعقب على كلام الأستاذ جلال .. ضربت لنا مثلاً دولة أذربيجان.. إنها دولة مستقلة ذات سيادة.. أما إذا بثت مسلسلة في الفضائية التركمانية مثلما تقول فمن يستطيع إيقافها، لغرض دبلجتها إلى لهجتنا .. أو إن كانت لا تليق بنا ..
·  نبيل بكر :
- يا أخوتي هل تعرفون أن الدولة العراقية لم تعترف ضمناً لحد الآن بالدراسة التركمانية .. هل تكون بالحروف العربية أم الحروف اللاتينية؟ هل نعرف؟! وقد تم تأجيل هذه المسألة ولربما تكون مسألة مستعصية في المستقبل ..
·  نيازي أنور قاياجى :
- حكومة الإقليم في أربيل معترفة بهذا وقد ثبت ذلك في الدستور ..
·  نبيل بكر :
- أنا أقصد الحكومة العراقية .. أنا برأيي إنك إذا ارتبطت بلغة حية ستصبح حياً.. وان التركمانية لهجة هشة.. لا يقرأها غيرنا .. أما إذا كتبت بلغة حية فعشرات بل ومئات الملايين يمكن أن يقرأوك..
·  نيازي أنور قاياجى :
- ولكن عليك أن تنقل ماضيك وتراثك لكي يكون في متناول الجميع ..لا أن تنقطع عن جذورك كلياً وتلغي شخصيتك ..
·  د. سعد صلاح الدين :
- إذا نظرنا إلى تاريخ اللغة التركية الحديثة فإنها تطبق منذ ما يقارب المئة عام وقد صارت تواكب التطور وتلبي حاجة العلم والمعارف الأخرى إضافة إلى الخزين الهائل من المصادر المترجمة في شتى أنواع العلوم .. وقد أخذت تساير التطور والتقرب إلى أوربا. فإذا أخذنا الثورة الصناعية كمثل فأن عمادها كانت هي اللغة الإنكليزية ..
· جلال بولات :
- هذا ينطبق على التجارة أيضا لأنها محصلة للثورة الصناعية، فكل المصطلحات التجارية المستخدمة في العالم برمته هي مصطلحات إنكليزية بحتة. وقد فرضت اللغة الإنكليزية نفسها كلغة عالمية.
· د. سعد صلاح الدين :
- إذا قارنا اللهجة التركمانية باللغة التركية فان الأخيرة أكثر تقبلاً للتطورات في جميع المعارف وأكثر قرباً إلى الحضارة والتمدن. أما أن قسماً من مجتمعنا لا يفهم هذه اللغة فهذا من حقنا، لذلك يجب ألاّ ننسى خصوصيتنا أيضاً..
ــــــــــــــــــــ

بين التركمانية والتركية
عوني عمر لطفي اوغلو
مجلة (معارف) التركمانية الصادرة في كركوك عام 1913
إن اللسان التركي من الألسن الطورانية الشائعة في شمال آسيا، والذي انتشرت شعبة منه إلى الغرب نحو الأناضول وبلاد اوربا. وبه تتكلم الآن بلاد الأناضول. وهي لغة الثقافة فيها. وصارت تسمى باللهجة العثمانية أو التركية الشرقية. وتقابلها اللهجة الجغتائية أو التركية الغربية التي هي الأصفى نبعاً ومصدراً.
والتركمان العراقيون يتكلمون بهذه اللهجة التركية الغربية، فلا يكاد كلامهم يختلف عن كلام الترك في الأناضول وحواضرها الشاخصة مثل أورفة وخربوت وعينتاب. وقد تجد تمايزاً في أداء اللهجة التي يتكلم بها تركمان العراق من منطقة إلى أخرى حسب الأصول العشائرية التركية التي ينحدر منها أبناؤها. فمثلاً يقول صاحب سالنامة ولاية الموصل: إن تركية تلعفر هي أقرب إلى الجغتائية. ومن بعض التمايز أن تجد أسلوباً في تركيب الكلام لا يعمل به في منطقة أخرى، كما في خانقين وشهربان وقزلرباط وآلتون كوبري وطوزخورماتو وأربيل، أوكلمات لا تجدها في غيرها، وبعضها عريق ومرفوع من التداول في الألسن التركية حاليا مع دوام استعماله عندنا، ويمكن لمجامع اللغات التركية في العالم أن تستفيد منها إن جَدَّ العاملون في اللغة والتركمان منهم خاصة، مثل كلمة (توماو) التي تعني الزكام في اربيل مخففة عن أصلها التركي (توماغو) أو (توماغي). كذا: كلمات مثل (كوله: القصير وطومماق: الإستغراق ويونكل : الخفيف وبوخاو المخففة عن بوخاغو : القيد المضروب على الأرجل..... وغيرها كثير). إن الدراسات في اللهجة التي يتكلم بها التركمان العراقيون وردها إلى أصولها ودراسة تطورها تنتظر همة من الباحثين التركمان خاصة، وحوافز تحفزهم خدمة لتأصيل الثقافة العراقية. ومن أهم المصادر التي نزهو بها ونفخر في هذا الباب هو ديوان لغات الترك لمحمود الكاشغري الذي صنفه سنة 466هجرية / 1074 ميلادية وقدمه إلى الخليفة المقتدي بأمرالله، ليكون مرجعا في تعلم التركية والتفاهم بها، بناءً على الحاجة إليها لغلبة الترك في الدولة العباسية. وقد إلتزم فيه الإعتماد على الكلام التركي الدارج وغير المهمل في تلك الأيام. وفيه مبحث مهم عن اللهجات التركية يعد منهجاً سبق به علماء هذا العصر. ولما كان الكاشغري قد عاش في بغداد وابتغى من تصنيفه إفهام التركية السائدة فيها لمن لا يعرفها لتيسير شؤون الدولة، فإن لهذا المصنف أهمية قصوى في معرفة اللهجة التركية التي كان تركمان العراق يتكلمون بها في ذلك الزمان.
اشكالية الابجدية
التركمان العراقيين لم يستعملوا في كتابتهم للغة التركية إلاّ الأحرف العربية. ولم يصل إلينا أي نص مكتوب أو دليل خلاف ذلك. زيادة على ذلك، تمتاز المتون الرسمية والثقافية للتركمان العراقيين في عصورالدول (العباسية والزنكية والأتابكية والإيلخانية والسلجوقية والقراقوينلية والآق قوينلية والعثمانية) بأنها عموماً كتبت بالتركية السائدة في الثقافة والعلوم والفنون، وليس باللهجة العامية المحلية، ماعدا قسم قليل من الشعر الشعبي المسمى بالخوريات. وحتى هذا القسم هو من الشعر الشفاهي المنقول شفاهاً، والمكتوب منه قليل ونادر. بل حتى الأنماط الأدبية الشعبية الأخرى كالقصص والروايات الشعبية قد كتبت باللغة التركية الثقافية السائدة التي يمكن أن نسميها الفصحى. وفي العقد الثاني من القرن العشرين وتحت ضغط العوامل السياسية بالدرجة الأولى وبقوة القوانين الملزمة، حصل تبديل الحروف التركية التي تسمى العثمانية اصطلاحا. فبدلت بالأحرف الروسية بعد الثورة البلشفية في الجمهوريات التركية السوفيتية، وبالأحرف اللاتينية في تركيا. ولم يحصل تبديل في العراق أو آذربيجان أو إيران أو سوريا .... أو أرجاء أخرى فيها مجتمعات تركية. وبعد إنحلال المجموعة السوفيتية في أواسط العقد التاسع من القرن العشرين، حصل توافق في مؤتمرات شملت العالم التركي فأقرت الأبجدية اللاتينية التركية لتوحيد أحرف اللغة الواحدة. ومع ورود فكرة العودة إلى الأحرف العثمانية رتقاً لشق الإنفصام بين الماضي الثقافي وحاضره، إلاّ أن التوجس السياسي تلبس بأعذار ثقافية، فلم يتقرر ذلك. لكن القيود المضروبة على الحروف العثمانية بدأت ترخى وتضعف بإلحاح الضرورات الثقافية الواقعية في أنحاء العالم التركي كله.
لقد استمر التركمان في العراق باستعمال الأحرف العثمانية إلى العقد السادس من القرن العشرين، مع التواصل الثقافي بالتركية اللاتينية في تركيا. ثم ظهرت الحاجة الماسة في كتابة المتون باللاتينية لسهولتها في القراءة والكتابة، ولنقص المقتدرين على تعليمها للأجيال الجديدة، وللحاجة للتواصل مع المستجدات الثقافية في تركيا التي غدت المصدر الوحيد لتغذية العقل الثقافي للجيل التركماني العراقي. فصارت التركية بالأبجدية اللاتينية بعد الستينات مطلباً ملحاً للمثقفين والسياسيين التركمان. وأنا شخصياً أرى ذلك ضرورة واقعية لا فكاك منها إذا كنا نريد الإنفساح للثقافة التركمانية العراقية، على أن لا يحول ذلك دون تعلم التركية بالأحرف العربية إلى جانب اللاتينية. لأن الإحاطة بها لا يصعب على تركمان العراق الذين لن يبعدوا عن تعلم العربية بحكم الواقع. وقد يمنح هذا الوضع زخماً جديداً للثقافة التركية العراقية، إذ يزيد من قدرة التأثير للثقافة التركمانية العراقية في مجمل الحركة الثقافية التركية، لاقتدارهم في كلا الساحتين وتواصلهم بين الماضي والحاضر.
إن تكوين النسيج الثقافي العراقي لا يستطيع أن ينسلخ من العطاءات الفكرية والأدبية للتركمان العراقيين والمكتوبة بالتركية تحديداً، ولا أقول المكتوبة بالعربية، وهي وافرة وغزيرة. ويكفي أن أذكر بمحمود الكاشغري الذي صار مصنفه ديوان لغات الترك أهم مراجع علم التركيات وتناوله علماء التركية في العالم بالبحث والتدقيق وبكافة اللغات العالمية. كذلك الشاعر العالم محمد بن سليمان فضولي البغدادي البياتي الذي ارتقى أعلى الذرى في الشعر التركي وصنف عنه علماء الشرقيات في الغرب والشرق. فمن يجرأ أن يغادره إذا كان القول في الثقافة العراقية، وهو التركماني العراقي الذي ذاع صيته في أرجاء المعمورة في حياته، لكنه عاش ومات في العراق ولم يغادره مرة وإن كان للسياحة. كذا جمع غفير من الشعراء والعلماء والمؤرخين والفنانيين ممن كتبوا بالتركية في العراق ..... ولكل مشاركة نافذة في الثقافة العراقية. نعم..... لا يمكن أن نرى صورة متكاملة للثقافة والفكر العراقيين بفصل لغة التركمان وعزله أو تجريده عن الثقافة والفكر.
قسم من المصادر المعتمدة:
- محمود الكاشغري/ ديوان لسان الترك
- يوسف خاص حاجب / قوتاتغو بيليك (علم السعادة)
- ش. سامي / قاموس تركي
- سالنامة ولاية الموصل لسنة 1312 هجرية.
MEYDAN LARUS, TURKCE MADDESI -
ــــــــــــــــــــــــ

التركمانية والتركية
حبيب الهرمزي
1- مصطلح اللغة التركمانية:
الواقع ان التركمانية التي يتحدث بها حوالي ثلاثة ملايين من تركمان العراق هي ليست (لغة)، بل هي احدى (اللهجات التركية) (accent)، مثلها في ذلك مثل اللهجات: العراقية والمصرية والسورية والمغربية وغيرها. فكل واحدة منها هي (لهجة) تجمعها (اللغة العربية). ان مصطلح (اللغة التركمانية) بدأ استعماله منذ عام 1959 لأسباب سياسية وشاع استعماله منذ ذلك التاريخ، حتى ان الدستور العراقي الحالي استعمل نفس هذا المصطلح (اللغة التركمانية) وذلك في الفقرات أولاً ورابعاً من المادة الرابعة منه.
ولذا أرى إن من المفيد أن تشيروا الى هذه المعلومة عند تطرقكم الى (اللغة التركمانية) في موسوعتكم.
2- أبحاث ودراسات حول (اللغة التركمانية):
هناك مؤلفات ومقالات كثيرة جداً حول هذا الموضوع، قسم منها باللغة العربية وأبرزها وأهمها مقالات الاستاذ عطا ترزي باشي المحامي الصادرة في مجلة (الاخاء) التي كانت ولا تزال تصدر ببغداد. وهناك رسائل دكتوراه حول الموضوع باللغة التركية، وأهمها رسالة كل من: البروفيسور الدكتور جوبان خضر والبروفيسور الدكتور هدايت كمال بياتلي والاستاذ المساعد الدكتور حسين شهباز. وهناك عشرات المقالات لكتاب تركمان صدرت في أوقات وأماكن مختلفة باللغتين العربية والتركية، ومن بينهم: البروفيسور الدكتور محمد عمر قزانجي ونصرت مردان ومولود طه واحسان صديق وصفي من التركمان، والبروفيسور الدكتور سعد الدين بولوج (تركي)، والبروفيسور الدكتور أحمد أرجيلاسون (تركي ورئيس المجمع اللغوي التركي سابقا)، والبروفيسور الدكتور غضنفر باشاييف (أذربايجاني). والأخير له كتاب قيّم اسمه (لهجة تركمان العراق) صدر في باكو عاصمة أذربايجان عام 2004 ويضم 420 صفحة، وهو باللغة التركية (باللهجة الاذربايجانية).
وللأسف فان أغلب هذه الدراسات والأبحاث هي باللغة التركية. وهذا نقص يجب الاعتراف به كما يجب تداركه.
3- قاموس (اللهجة التركمانية):
إنني شخصياً أصدرت قاموساً للهجات التركمانية في العراق، طبع في عام 2003 من قبل مؤسسة وقف كركوك. وهذا القاموس يحتوي على حوالي 5000 كلمة بلهجة مدينة كركوك وما يقابلها باللغة التركية مع بيان الالفاظ المختلفة في كل من لهجات أربيل وتلعفر وطوزخورماتو وكفري وغيرها من المناطق التركمانية في العراق. وهذا القاموس بدوره هو باللغة التركية مع اضافة واستعمال حروف ينطق بها التركمان ولا توجد في اللغة التركية مثل أحرف: ع – ح – ق – خ والألف المغلق. ووضعت في بداية هذا الكتاب فصلاً يبحث عن تاريخ (اللهجة التركمانية) وخصائصها ومقارنة لها مع اللغة التركية. وباختصار فان هذا الفصل عبارة عن (قواعد اللهجة التركمانية). أستطيع أن أرسل لكم هذا القسم إن كان لدى طاقم بحثكم من يجيد اللغة التركية، وإلاّ فان بوسعي أن أترجم ملخصاً له وأزودكم به إن شئتم.
إنني أشرت الى هذا القاموس لأنه الوحيد الذي صدر لحد الآن في موضوعه ولا شبيه له في المكتبة التركمانية.
4- قاموس عربي - تركماني /وعربي - تركي :
للأسف لا يوجد قاموس عربي - تركماني أو تركماني - عربي لحد الآن. ويوجد عدد كبير من القواميس العربية - التركية ولكنها قواميس تجارية وليست نتيجة جهود ودراسات علمية.